رشيد أنوار / صوت العدالة
إستحضر السيد هشام الحسني وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائيةبإنزكان ورئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة ، في كلمته ضمن فعاليات اليوم الدراسي الذي تنظمه محكمة الاستئناف بأكادير والودادية الحسنية للقضاة والمجالس الجهوية للموثقين باكادير وبني ملال وخنيفرة ومراكش حول موضوع شكل وصحة العقد التوثيقي بين الممارسة التوثيقية والعمل القضائي”
” إستحضر ” توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس في باب عنايته بالأمن التعاقدي؛ فبالإضافة إلى الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” عام 2015، والتي اكد فيها جلالته على أن العقار يعتبر عامل إنتاج استراتيجي، ورافعة أساسية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها؛ باعتبار العقار الوعاء الرئيسي لتحفيز الاستثمار المنتج، المدرللدخل والموفر لفرص الشغل، ولانطلاق المشاريع الاستثمارية في مختلف المجلات الصناعية والفلاحية والسياحية والخدماتية وغيرها .
و ركز على أن جلالته ما فتئ يخص موضوع حماية الملكية العقارية في المغرب بالعناية، من بينها الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة، الذي انعقد في مراكش في أكتوبر 2019، حيث أكد جلالة الملك محمد السادس على أهمية توفير مناخ قانوني وقضائي ملائم لتحفيز الاستثمار، مشيرًا إلى أن حماية الملكية العقارية تعد عنصرًا أساسيًا في تحقيق الأمن القانوني والقضائي للمستثمرين، كما دعا جلالته إلى تبسيط وتحديث المنظومة القانونية المتعلقة بالعقار، وتعزيز دور القضاء في ضمان حقوق الملاك والمستثمرين.
و اضاف ان هذه الرسائل الملكية تُبرز الاهتمام المستمر لجلالة الملك بأهمية حماية الملكية العقارية ومن خلالها الأمن التعاقدي، وضرورة تحديث وتبسيط المنظومة القانونية المرتبطة بها، لضمان حقوق الملاك وتحفيز الاستثمار، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.
و اضاف السيد الحسني : “ومما لاشك فيه أن تناول موضوع التوثيق العصري بالمغرب بالدراسة والتحليل المهني و العلمي، يكتسي أهمية قصوى نظرا للدور الفعال الذي يقوم به الموثق في تحصين حقوق الأفراد وتأمين ركائز السلم القانوني والعدالة الوقائية داخل المجتمع، كما لا تخفى أهمية هذه المؤسسة على مستوى الضمانات القوية التي يقدمها للمتعاقدين، والحمايات اللازمةالتي يوفرها للمتقاضين، والخدمات الجليلة التي يقدمها للقضاء، حيث يمهد الطريق أمامه ليحكم بين الناس بالحق، ويبت في النزاعات التي تحدث بينهم.
وعليه فإن مهنة التوثيق أصبحت تشكل إحدى الدعامات الأساسية لضمان استقرار المعاملات وتشجيع وجلب الاستثمارات، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومساعدة القضاء على فض النزاعات والخلافات من خلال تمكينه من وسائل الإثبات.”
و ابرز الأهمية التي يحظى بها نظام التوثيق العصري بالنظر لارتباطه بصون تعاقدات الأفراد، فالموثق مدعو بذلك إلى تحري الدقة وبعد النظر لتفادي كل نزاع محتمل حول بنود العقد ومضامينه ليظل العقد أداة للوقاية من المنازعات المستقبلية حاميا لحقوق الأفراد ومصالحهم محققا بذلك ضمانة لاستقرار المعاملات وازدياد فرص الاستثمار مسهما في النمو الاقتصادي والازدهار الاجتماعي.
كما أكد أن الموثق مدعو للتصدي لكل مظاهر التلاعب بالحق في الملكية العقارية، لاسيما في ظل تفشي الاستيلاء على عقارات الغير بطريقة غير مشروعة، والتطور المتزايد لأساليب النصب والتزوير المستعملة في السطو على العقارات.
ووعيا بأهمية دور مؤسسة التوثيق كحام للأمن العقاري نستحضر كذلك دوره في ضمان الامن التعاقدي وتحقيق العدالة التعاقدية من خلال حماية الالتزامات الواردة في العقد باعتبارها شرطًا لشرعية مبدأ القوة الملزمة للعقد، ويُحقق هدفها من خلال الآليات المخولة له طبقا للقانون.
هذه التوجهات بدأت تؤثر على المبادئ التقليدية التي يقوم عليها العقد، مما ينعكس بدوره على مبدأ الأمن التعاقدي.
لذلك، يصبح الموثق أكثر حذرا إذا كان أحد أطراف العقد مهنيا، حيث يسعى إلى تحصين العقد الذي يتلقاه، ويتأكد من خلوه من أية عيوب قد تؤثر عليه.
و أعتبر التوثيق العمود الفقري من الناحية القانونية لكل نظام اقتصادي والضامن الأساسي للمتعاملين، لذا يتمتع هذا الأخير في المجتمعات الحديثة بأهمية بالغة ومكانة هامة، بحيث منح المشرع لأعمال الموثق الثقة والمصداقية ومنح للمحررات التي يحررها القوة التنفيذية والرسمية فهي واجبة التنفيذ بغير حاجة إلى رفع دعوى واستصدار حكم بالحق الثابت فيها، هذه القوة بنيت على اعتبارين: الأول يتمثل في الثقة في أعمال الموثق وما تتطلبه من إجراءات فرضها القانون عليه أهمها ضرورة التأكد من شخصية المتعاقدين وصفاتهم وأهليتهم.
أما الاعتبار الثاني فيتمثل في إرادة الأطراف التصرف أمام الموثق. ومن جهة أخرى، فإن التوثيق يساهم في تحقيق السلم الاجتماعي واستقرار المعاملات بين الأفراد.
وإذا كانت مهنة التوثيق على هذا القدر من الأهمية، فإنها بلغت مفترق طرق صعبا، وباتت تواجه تحديات مصيرية فرضتها عولمة شرسة تتميز بتنافسية حادة اكتسحت كل الميادين المرتبطة بالاقتصاد، وما واكبها من تطورات تكنولوجية ألقت بآثارها على أداء الموثق.
والأكيد أن هذا اللقاء العلمي المتميز سيكون مناسبة لعرض مختلف هذه الإكراهات والمعيقات كما سيكون مناسبة أيضا لصياغتها في توصيات ترفع للجهات المختصة لاتخاد المتعين بشأنها.
كما ثمن الشراكة النوعية التي مافتئت مؤسساتنا المهنية في أجرأتها من خلال لقاءات علمية وندوات مهنية، فإنه كذلك لا يسعنا إلا تقديم الشكر لشريكنا الإستراتيجي ممثلا في رئاسة محكمة الإستئناف باكادير ورئاسة نيابتها العامة، على مواكبتهما ودعمهما المتواصل لجهود تنظيماتنا المهنية الرامية الى تطوير أداء مؤسساتها القضائية، ولتقوية جسور التعاون القضائي بين مختلف الفاعلين في منظومة العدالة على الصعيد الجهوي والوطني.
ودعى إلى انخراط قوي في تنزيل مخرجات هذه الشراكة، وتعميم فوائدها على مختلف الفاعلين في أفق مساهمتها في تكريس التعاون المثمر.
وختم كلمته بدعوة الله عز وجل التوفيق للجميع لما فيه خير عدالة بلادنا ووطننا تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره وأقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي رشيد وكافة أفراد أسرته الشريفة، إنه سميع ومجيب الدعاء.”
يشار ان اللقاء عرف القاء الكلمة من كل من السادة رئيس المجلس الجهوي لهيئة الموثقين بأكادير وكلميم والعيون و السيد سعيد الشايب الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف ، والسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف الأستاذ عبد الرزاق فتاح والسيد رئيس المجلس الجهوي لهيئة الموثقين لبني ملال وخنيفرة، الأستاذ محمد البداوي ، بالاضافة الى شخصيات قضائية و موثقين .