مازال الجدل بخصوص المادة 8 مكرر من مشروع قانون المالية رقم 73.16 للسنة المالية 2017، والذي اقترحه فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، وصادق عليه المجلس في القراءة الأولى؛ والمتعلقة بتملص الدولة من تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها وضد الجماعات الترابية، متواصلا، إذ دخل نادي قضاة المغرب على الخط.
المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب سجل في أول تعليق له أن ما تضمنته مقتضيات المادة 8 مكرر من مشروع القانون المالي من منع لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية عن طريق الحجز “يشكل مسا واضحا بمبدأ فصل السلط”، معتبرا أن مضامين هذه المادة “آلية خطيرة لإفراغ الأحكام والمقررات القضائية من محتواها وإلزاميتها، خلافا لأحكام الدستور المغربي”.
النادي أكد أن الدستور ينص صراحة على أن “الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع، دون تمييز بين أطرافها”، واعتبر ضمن اجتماعه العادي، الذي تدارس مضامين مشروع قانون المالية لسنة 2017، بما في ذلك مقتضيات المادة 8 مكرر، “أنه كان ينتظر من الجهات المعنية وضع آليات قانونية قادرة على تيسير عملية التنفيذ وتجاوز مشكل رفض الإدارة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها”.
وأبدى النادي مفاجأته بإصدار مقتضيات المادة 8 مكرر من مشروع قانون المالية المذكور، “في مخالفة صريحة لأحكام الدستور المغربي وكذا للتوجيهات الملكية”، مثيرا انتباه الجهات المعنية بمسألة التشريع إلى خطورة مقتضيات المادة المذكورة.
ودعا النادي في هذا الصدد إلى إعادة النظر في هذا المقتضى “الذي يشكل تراجعا واضحا عن المكتسبات الحقوقية الدستورية ومخالفة صريحة للتوجيهات الملكية”، محذرا من كونه “مسا بالخيار المجتمعي في السير نحو بناء مقومات دولة الحق والقانون”؛ كما دعا إلى إعطاء القدوة في تنفيذ المقررات القضائية واحترام مقتضياتها.
وفي مقابل حالة الاستنكار الواسع التي طالت المقتضى الجديد الذي جاء به الفريق الذي يقود الحكومة، أكد إدريس الأزمي الادريسي، رئيس فريق العدالة والتنمية، أن المادة التي أثارت الجدل حققت التوازن المطلوب بين مبدأين دستوريين وقانونيين وبين تحقيق المصلحة الخاصة والعامة، مضيفا أن ذلك جاء “من خلال تحقيق الاحترام الواجب للأحكام القضائية النهائية وإلزامية تنفيذها لفائدة الأفراد والخواص، والحفاظ على استمرارية المرفق العام بأداء مستحقات الموظفين والأعوان والشركات المتعاقدة مع الدولة والجماعات الترابية، وتحقيق المصلحة العامة بتوفير الخدمات العامة الضرورية للمواطنين”.
الأزمي قال في مرافعة له حول المادة المذكورة إنه “يتبين من خلال هذه المقتضيات المتضمنة في القانون التنظيمي لقانون المالية والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية أن الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية يخالف القواعد الدستورية المنظمة لمالية ومحاسبة الدولة والجماعات الترابية، والتي تمنع صراحة الالتزام بأي نفقة لم يرخص لها بالميزانية المعنية”، مبرزا أن “هذه القوانين واحتراما منها لهذه القواعد، وضمانا منها في الوقت نفسه لتنفيذ الأحكام النهائية، فتحت بابا خاصا بتنفيذ الأحكام القضائية في ميزانية الدولة، كما جعلت من النفقات المتعلقة بتنفيذ القرارات والأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية نفقات إجبارية تسجل بميزانية الجماعات الترابية تحت طائلة رفض الميزانية وعدم التأشير عليها”.