صوت العدالة – عبد السلام اسريفي
عندما تنطلق في سرد المنطوق من النص العميق،تجدها تبحث في خبايا الإحساس ،ونبضات الوجود،بتقنيات عادية لكنها توظف الصورة بشكل راقي ومتميز.
إنها الشاعرة صفاء الريسوني،التي تكتب للغير وكأنها تكتب لنفسها،نصوصها بقدر ما هي عادية ،نجدها تحمل أبعاد مغلفة بصور حديثة،مستعملة لغة جديدة،حديثة،وتيمة يمكن أن نقول أنها معتادة.
فهي حينما تتحدث عن الحبيب،في نص “العدول عن قرار” تجدها تقرأ فيه لغة الكون والوجود،وتستعمله كأداة لنبش أحاسيس ربما افتقدناها في مجتمعاتنا الواقعية.
تبعد و يطول غيابك
أقاسي العذاب في هجرك
تنزف جروحي دون نزيف
تبلل جفوني دون دموع
تسمع صرختي دون صوت
يشتد غضبي فآخد قراري
أن أنساك و أعيش حياتي
و أمحو بصماتك من على جسدي
و أطرد طيفك الذي يلاحقني
و أعود ﻷعيش بياض صفحاتي
فالحضور والغياب،الصمت والوجود،البعد والمزاج،كلها أدوات اعتمدتها الشاعرة في تعرية دواخل المجتمع التقليدي،الذي لا زال يفضل الصمت عوض البوح عن قيم هي في طريقها للزوال.ثم تنتقل في صمت في نفس النص الى مرحلة أخرى،بخطوات ثقيلة نحو تكريس لغة الاعتراف …
كفاني عذاب يا معذبي
وفي لمحة بصر أراك تأتي نحوي
بإبسامة عريضة تقول حبيبتي
و عينين عميقتين تطلب رحمتي
و بكل إشتياق إلى حضنك تضمني
فأذوب كقطعة سكر في فنجانك اﻹعتيادي
و أنسى آلام بعدك وكل معاناتي
و تعود بهجتي و تشرق إبتسامتي
و كعادتي أعدل عن قراري
فالعدول عن القرار،إنما هو الرجوع للبحث عن نقط الالتقاء،وترميم الصور هو في حد ذاته تذويب لمشاعر تمردت على قيم مستهلكة،فأنجبت أسطورة العودة للانطلاقة وتصحيح المسار،وهو ما جسدته الشاعرة في كلامها عن العودة للحضن،الذي صورته كقطعة سكر في فنجانها الاعتيادي.
فالنص في مجمله ينطلق من قاعدة متحولة،أساسها العتاب،الرغبة،الميول،النزوح،التمرد ثم العودة،وهي عناوين جعلت من سطوره بناية صممت بإتقان كبير،لتقدم لنا صورة نادرة عن مشاعر تحاول أن ترتب حروفها من جديد.