“فضيحة أملاك الدولة بمراكش.. مشاريع ملكية تتحول إلى محطات وقود وفنادق بفعل التلاعبات والنفوذ”

نشر في: آخر تحديث:

مراكش – صوت العدالة

أسدل الستار على مرحلة التحقيق التفصيلي في واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا وإثارة للرأي العام المحلي والوطني، والمعروفة إعلاميًا بـ “ملف أملاك الدولة بمراكش”، حيث أنهى قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة بمحكمة الاستئناف بمراكش استنطاق المتهمين، استعدادًا لإحالة الملف على النيابة العامة لإبداء ملتمساتها، قبل إحالة القضية على غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية.
المصادر أكدت أن قاضي التحقيق استمع خلال الأشهر الماضية لعدد من المتهمين والمصرحين، واطلع على مئات الوثائق الإدارية والمحاسباتية والمالية، دون تسريب أي معطيات حول صك الاتهام النهائي، أو ما إذا كانت مسطرة غسيل الأموال ستُفعل في حق بعض المتورطين.
بداية القصة تعود إلى الفترة الانتدابية 2009 – 2015، حين صادق المجلس الجماعي لمراكش على اقتناء ثلاث بقع أرضية مملوكة للدولة بمنطقة العزوزية، قصد إنشاء محطة طرقية للمسافرين، وتوسيع السوق البلدي، وإنشاء موقف لسيارات الأجرة، وهي المشاريع التي قُدمت أمام جلالة الملك محمد السادس في إطار مشروع “مراكش: الحاضرة المتجددة”.
لكن سرعان ما تحولت هذه المشاريع إلى فضيحة تفويتات وتلاعبات، بعدما أعيدت اثنتان من هذه البقع إلى إدارة أملاك الدولة في عهد المجلس الجماعي 2016 – 2021، برئاسة العمدة السابق ع.ب ونائبه الأول ي.ب، لتُعاد لاحقًا إلى الواجهة عبر مسارات ملتبسة تستر خلفها مخططات استغلال النفوذ والإثراء غير المشروع.
تفويتات مشبوهة وصفقات تحت غطاء شركات وهمية
أبرز ما أثار الشبهات، هو تفويت إحدى البقع المخصصة لتوسعة السوق البلدي، والتي تبلغ مساحتها 5900 متر مربع، بسومة كرائية هزيلة قدرها 30 درهمًا للمتر المربع، لفائدة شركة A التي يديرها ح.م.ب، ليتم لاحقًا بيعها إلى ع . ح مع تراخيص استثنائية لبناء محطة وقود ونزل فندقي.
المثير في القضية أن ح.م.ب ليس سوى واجهة لصاحب النفوذ ي.ب، الذي تشير محاضر الضابطة القضائية إلى أن مبالغ مالية ضخّت في حسابه البنكي بالتزامن مع هذه الصفقات، في مشهد يكشف تركيبة احتيالية معقدة ومخططًا مدروسًا للاستيلاء على عقارات الدولة.
نفس السيناريو تكرر مع البقعة الثانية التي استولى عليها ع.ع.ب عبر شركته G التي حولها إلى محطة محروقات وفندق، على حساب مشروع ملكي كان مخصصًا للمرافق الطرقية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل طال عقارًا ثالثًا تم التلاعب به بطريقة مماثلة، حيث استفادت منه احد الشركات التابعة لصهر ع.ع.ب، ليُحول لاحقًا إلى ملكيته الخاصة ويشيد عليه مؤسسة تعليمية خاصة.
تساؤلات كثيرة تطرح نفسها اليوم: كيف تحولت أملاك الدولة المخصصة لمشاريع تنموية إلى استثمارات خاصة؟ ومن يقف وراء هذا التفكيك الممنهج لمشاريع ملكية؟
القضية الآن بين يدي القضاء، والأيام القادمة قد تكشف عن مزيد من الأسماء والمتورطين في هذا الملف، الذي أصبح مرآة صارخة لفساد التسيير واستغلال النفوذ، في وقت تتطلع فيه مدينة مراكش لمستقبل تنموي شفاف يقطع مع مثل هذه الممارسات.

اقرأ أيضاً: