صوت العدالة : محمد زريوح
تحوّل المقطع الطرقي الرابط بين تازة وفاس عبر الطريق السيار إلى “كابوس” حقيقي لا يفارق السائقين الذين يضطرون لاستخدامه يوميًا. هذا المقطع، الذي كان من المفترض أن يكون نموذجًا للبنية التحتية المتطورة التي يعتز بها المغرب، أصبح أحد أكثر الطرق إثارة للغضب والتساؤلات. أطلق عليه الجميع “مقطع الموت”، نظراً لما يسببه من مخاطر تهدد حياة السائقين والمواطنين على حد سواء.
ما يزيد الطين بلة هو الانتشار العشوائي للحفر على طول الطريق، والتي تظهر فجأة ودون تحذير. بعض الحفر عميقة بشكل يجعلها قادرة على إحداث أضرار جسيمة في المركبات، بل وتسبب في تعريض الركاب للخطر في كل لحظة. وإذا كان هذا ليس كافيًا، فإن الحفر تتضاعف خطورتها خاصةً في الليل أو أثناء هطول الأمطار، حيث تتحول إلى فخاخ حقيقية تهدد حياة كل من يمر عبرها.
الغريب في الأمر أن هذا الطريق يُصنف ضمن “الطرق السيارة المؤدى عنها”، أي أن السائقين ملزمون بدفع رسوم مقابل استخدامه، وفي المقابل يحصلون على طريق لا يتوفر على الحد الأدنى من معايير السلامة. هذا الوضع يثير استياء عميقاً لدى السائقين، خاصة أولئك الذين يعتمدون عليه في تنقلاتهم اليومية. فهم يدفعون مقابل خدمات يجب أن تكون آمنة وعالية الجودة، لكنهم في الواقع يتعرضون إلى طريق مليء بالعقبات والأخطار.
الأمر يتجاوز مجرد إزعاجات على الطريق، فهو يطرح تساؤلات حقيقية حول كيف يمكن أن تبقى هذه البنية التحتية في هذه الحالة المزرية رغم الاستثمارات الضخمة التي تم تخصيصها في السنوات الأخيرة لتطوير شبكة الطرق السيارة في المملكة. كيف يعقل أن يظل هذا المقطع، الذي يربط بين مدينتين استراتيجيتين، في هذا الوضع المتردي؟ وهل تستحق الشركات التي تدير هذه الطرق الأموال التي تجمعها من السائقين مقابل خدمات لا تواكب المعايير؟
الأصوات الغاضبة تتصاعد يومًا بعد يوم، حيث تكتظ منصات التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع فيديو توثق حجم الأضرار وتستعرض مخاطر الطريق. المواطنين يطالبون ليس بامتيازات، بل بحقهم في طريق آمن يحفظ أرواحهم، وهو الحق الذي يفترض أن يتوفر لهم مقابل ما يدفعونه من رسوم.
وفي هذا السياق، يوجه الجميع نداءً مستعجلاً إلى الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب والوزارة المعنية لضرورة التدخل الفوري وإصلاح هذا المقطع قبل أن يتسبب في كارثة. فالأرواح لا تتحمل التأجيل، والوقت ليس في صالح أحد. المسؤولية تقتضي التحرك الآن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تتحول هذه الحفر إلى مأساة لا يمكن تفاديها.

