صوت العدالة : محمد زريوح
في خضم الترتيبات للمؤتمر المقبل لجبهة البوليساريو، أقدم زعيم الجبهة إبراهيم غالي على تنفيذ سلسلة تغييرات عميقة داخل هيكل التنظيم، في محاولة لتعزيز موقعه على رأس الجبهة، وتفادي تصاعد موجة الغضب والتمرد التي بدأت تتشكل في صفوف قياداتها، بعد سنوات من الفشل السياسي والدبلوماسي المتكرر، خصوصًا أمام الزخم المتنامي لدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
وقد شملت التعديلات أسماء وازنة داخل الجبهة، أبرزها إقالة ما يسمى بـ”وزير الخارجية” محمد سيداتي، وتعيين محمد يسلم بيسط مكانه، إضافة إلى إعفاء عبد القادر الطالب عمر من منصبه كسفير للجبهة لدى الجزائر، وتكليفه بوزارة التعليم والتكوين المهني، وهو منصب ثانوي بالنظر إلى تجربته الطويلة ومكانته داخل التنظيم.
تأتي هذه الخطوة في سياق سعي غالي إلى تقوية جناحه داخل الجبهة، عبر إبعاد الأسماء التي قد تمثل تهديدًا حقيقيًا لزعامته، لا سيما أن الطالب عمر كان في وقت سابق رئيسًا لما يسمى “الحكومة الصحراوية”، وشغل مناصب رفيعة جعلته أحد أبرز الشخصيات المؤثرة داخل المخيمات وفي علاقات الجبهة بالسلطات الجزائرية.
وفي السياق ذاته، أثار تعيين خطري أدوه سفيرًا جديدًا للجبهة في الجزائر الكثير من علامات الاستفهام، نظرًا إلى محدودية خلفيته السياسية والاجتماعية داخل بنية البوليساريو، ما يعكس رغبة غالي في الدفع بأسماء موالية له، ولو كانت تفتقر إلى ثقل سياسي، لضمان بسط سيطرته الكاملة على المناصب الحساسة.
أما تعيين محمد يسلم بيسط وزيرًا للخارجية، فرُبط بانتمائه القبلي المشترك مع غالي، إذ يُعتبر من نفس الكتلة التي يعتمد عليها الزعيم الانفصالي لتقوية مواقعه داخل التنظيم، في وقت تتصاعد فيه الدعوات داخل المخيمات بضرورة تغيير القيادة وإعادة النظر في طريقة إدارة الملف.
وتشير مصادر مقربة من المخيمات إلى أن تعيين سيداتي سابقًا في منصب وزير الخارجية لم يكن إلا تمهيدًا للإطاحة بالوزير الذي سبقه، ضمن لعبة تبادل أدوار اعتادتها الجبهة خلال فترات التوتر، وهو ما يتكرر اليوم لكن بحدة أكبر مع اقتراب المؤتمر، وسط حالة احتقان غير مسبوقة.
تعكس هذه التحركات المتسارعة داخل الجبهة حالة ارتباك واضحة، حيث يسعى غالي إلى تطويق أي تحرك داخلي ضده، من خلال توزيع المناصب على المقربين والموالين له، في ظل تراجع حاد في قدرة البوليساريو على المناورة خارجيا، وانكشاف محدودية تأثيرها على المستوى الدولي، مما يُضعف من فرصها في كسب أي دعم حقيقي أو استمرارية فعلية.