ع. السباعي – صوت العدالة
قد يكون الانتحار نتيجة للعزلة والانعزال اللاارادي عن فضاء المجتمع، لسبب ما يتعلق بالفرد بالتحديد، او يتعلق بالمجتمع نفسه الذي ينتمي اليه، مما يجعله غير قادر مطلقا على احداث علاقة تواصلية طبيعية مع المجتمع، اما لعدم تذوقه لقوانين وعادات المجتمع او لعدم قدرته على الانسجام.
ماذا لو كان المجتمع صانعا لعقدة المنتحر؟ ماذا لو كان جزء من العقدة نفسها؟ عندما يعجز المجتمع عن تقديم فرصة للتفاعل مع الفرد للانسجام، مع مراعاة تناقض ميوله ومصالحه واهدافه وقيمه، فقد يشعر الفرد بالبعد والاغتراب، وهنا يفقد اماله وطموحه ويضيع كل شيئ له علاقة بالمجتمع، لذا تنعدم لديه معاني الحياة السامية ويفقد مثله وقيمه ومقاييسه بعد ذلك يصاب بمرض نفسي خطير قد يؤدي به حتما الى الانتحار. وهذا النمط من الانتحار غالبا ما يصيب الاشخاص المحرومين والذين يعانون من الامراض النفسية والعقلية.
الانتحار كظاهرة غالبا ما يحمل تناقضات من حيث اسبابه ودوافعه، فقد يكون ناتجا عن شدة التماسك وانسجام الفرد مع المجتمع وقوة علاقاته الاجتماعية، لدرجة يعتقد يرى ان حياته الشخصية برمتها لا يمكن أن تنفصل عن من حوله، وبالتالي يفقد ذاته لتتحول الى سلوكات مرضية تجنح لمعاقبة الذات.
المنتحر شخص عاجز.. لا يريد أن يعيش مشهد البؤس، ولا ان يتقبل صفة البائس، قليل الحيلة مع الذات التي عجز عن ثنيها عن الاخطاء وتقبلها التحديات المجتمعية. وبالتالي تنعدم عنده الرغبة في التفاعل مع الاخرين والانسجام معهم وعندها يشعر الفرد بعدم قدرته على وضع حد للحالة التي يراها استثناء في المجتمع. فيكون انعدام الامال والاهداف سببا في اختيار المنعطف.. فيسقط في فخ المرض النفسي الذي يكون بداية طريق اللاعودة..

