الرئيسية أخبار القضاء عندما يتحول الإمتياز القضائي إلى ظرف من ظروف التشديد

عندما يتحول الإمتياز القضائي إلى ظرف من ظروف التشديد

34E52B84 619E 4EDB 8C05 83C1FF4DB6BE
كتبه كتب في 20 يونيو، 2023 - 11:34 مساءً

عزيز بنحريميدة

وضعت القوانين لتحقيق العدل والمساوة بين افراد المجتمع ولمنع اعتداء أي شخص على حقوق وممتلكات شخص اخر. بالإضافة إلى الحفاظ على المبادئ والقيم التي تكون راسخة داخل المجتمع لتحقيق الامن والاستقرار في المجتمع فعندما يشعر الشخص بالأمان وانه لن يتم الاعتداء على ماله ومسكنه وعرضه فانه يشعر بالاستقرار و الطمأنية.

ومن هنا تكمن أهمية القانون في كونه يحمي الحقوق والحريات الفردية لأفراد المجتمع من الأفراد الآخرين ومن المنظمات وحتى من الحكومة نفسها، بل إنّه يمنع إصدار أي قانون يتعارض وحق الفرد أو يحد من حريته، مع وجود بعض الاستثناءات المحفوفة بالشروط والمتعلقة بحرية التعبير، كما أنّ القوانين توفر إطارًا وقواعد ثابتة للمساعدة على حل النزاعات التي تنشأ بين الأفراد و الجماعات بسبب سوء أو عدم التطبيق السليم للقانون .

وإن كان المغرب قد اختار بلا رجعة بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، ويواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.

ومكن القضاء من لعب دور أساسي من أجل حماية المجتمع ومن أجل الحفاظ على النظام الاجتماعي،من خلال تكلفيه بالسهر على التطبيق السليم للقانون حمايته لحقوق الأفراد و المجتمع وعين في سبيل ذلك قضاة أفنوا سنوات عمرهم في التحصيل العلمي و القانوني الرصين و قيدوا بمجموعة من الواجبات التي جعلت منهم نخبة المجتمع التي لا يجب عليها أن تقع في المحذور كما متعتهم بإمتيازات قانونية تصون وضعهم الإعتباري داخل المجتمع وهو ما نسميه بمسطرة الإمتياز القضائي والتي يتم سلوكها عند أي شبهة أو شكاية والتي يقصد بها منح طائفة من موظفي الدولة مسطرة خاصة في المتابعة والمحاكمة عند ارتكابهم لجناية أو جنحة أثناء مزاولة وظيفتهم، وقد عبر قانون المسطرة الجنائية المغربي عن هذا الامتياز بمصطلح الاختصاص الاستثنائي، أو قواعد الاختصاص الاستثنائية.

لكن للأسف الشديد ما أصبح يلاحظه المتتبع للشأن القضائي المغربي أن هذا الإمتياز قد تحول لظرف من ظروف التشديد الذي يلغي عدة إجراءات يخولها القانون لذوي هذا الإمتياز و التي خولها لهم القانون وسنذكر على سبيل المثال لا الحصر القرارات التي سطرها القانون والتي يمكن لقضاة التحقيق القيام بها أثناء سريان مسطرة التحقيق التفصيلي في حق المتهمين الذين تتم إحالتهم عليهم منها إصدار مجموعة من الأوامر المتعلقة بشخص المتهم، كالأمر بالإحضار، و الأمر بالحضور، والأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية و سحب جواز السفر وعدة تدابير أخرى بديلة قبل اتخاذ قرار الاعتقال الإحتياطي والذي مما لاشك فيه يحرم المتهمين من ذوي الإمتياز من حق منحه لهم القانون رغم توفرهم على ضمانات قد لا تتوفر في غيرهم فيصبح بذلك الإمتياز ظرفا من ظروف التشديد تحرم اصحابه من حق من حقوقه القانونية فمثل هذه القرارات تتخذ غالبا خوفا من الرأي العام و ضغوطاته حتى لا يقال أن القضاة يحابون بعضهم و هذا خطأ يكون ضحيته المتهمون من ذو الامتياز القضائي وهو ما يحق لنا القول انه امتياز صوري مادام لا يطبق رغم أن وضعية المتهمين و ضمانات حضورهم جد قوية فلماذا لا تتم متابعتهم في حالة سراح حتى يتمكنوا من إبراز براءتهم في إطار محاكمة عادلة بعيدة عن أي تأثيرات أو ضغوطات أو تعليمات يكون فيها القرار الأول و الأخير لهيئة الحكم.

نحن لا ندافع أو نشرعن للفساد أو الفاسدين بقدر ما ندافع عن التطبيق السليم للقانون و إلا ما فائدة القوانين إن لم تطبق و كيف ستكون وضعية القضاة مستقبلا و هم يعلمون علم اليقين أن امتيازهم القضائي ظرف من ظروف التشديد يحرمهم من حق من حقوقهم التي خولها لهم القانون فكل ما نطالب به هو تمتيع الجميع بظروف المحاكمة العادلة بعيدا عن أي تأويلات و تأثيرات تجني تابعتها أسر كانت بالأمس القريب تفتخر بأبناءها وفلذات اكبادها بسبب وشاية او شكاية قد تكون كاذبة أو خطأ تم الوقوع فيه دون قصد ولنترك الكلمة الأولى و الأخيرة لهيئة الحكم بعد أن نضمن للجميع ظروفا مثالية للمحاكمة العادلة فغذا عند ربكم تختصمون.

مشاركة