أكد السيد عز الدين الماحي، مدير مجلة “محاكمة”، لجريدة صوت العدالة؛ أن المحاكمة عن بعد تظل من الإجراءات التي يتعين تبنيها والدفاع عنها بنوع من الأريحية وبدون انفعال وبدون مزايدات، بالنظر للظرفية التي نعيشها حاليا والتي يتعين استيعاب خطورتها وإكراهاتها؛ واستحضارا للأمن الصحي في بعده الشمولي.
وذلك في انتظار أن يتم تبني المحاكمة عن بعد تشريعيا من خلال مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد؛ بغض النظر عن اختلاف المواقف والمؤيدات والمنطلقات، من موضوع عقد الجلسات والمحاكمات عن بعد، وكذا التمثلات التقليدية التي ترسخت وارتسمت معالمها، لاسيما على مستوى الدفاع الذي دأب بعضهم على بسط مرافعته أمام المتهم أو الظنين وأمام محيطه العائلي (العدالة الجسدية) وباعتبار أن ذلك يندرج ضمن المكاسب المهمة المضمنة بالمواثيق الدولية والتي لا يمكن المساس بها أو تعطيلها، ولو في زمن كورونا.
وأضاف الأستاذ الماحي، أنه يتعين أن يساهم الجميع في الأمن الصحي كل من موقعه (سلطة قضائية بجميع مكوناتها، وزارة العدل، المندوبية العامة لإدارة السجون، دفاع، متهم، كتابة الضبط…) بنوع من التشاور والتفاهم والتوافق، وبالتالي لا يمكن مجاراة من يرى أن مثل هاته المحاكمات من شأنها المساس بالمحاكمة العادلة لكون معاييرها غير متوافرة (العلنية، الحضورية،..).
وأكد الأستاذ الماحي لجريدتنا؛ أن كل ماسبق ذكره يأتي فضلا عن كون المحاكمات التي جرت هذه الأيام بواسطة تقنية الفيديو منحت للمتهم صلاحية اختياره لهذه المحاكمة من عدمها، وهو أمر يبدو محمودا لكون حقوق الدفاع مخولة له بالدرجة الأولى.
هذا وقد أضاف الماحي أن المحاكمة عن بعد سيكون لها وقع إيجابي من عدة زوايا: (حماية النزلاء، حماية باقي المتدخلين في عملية المحاكمة، اختصار الزمن القضائي لأن المتهم حين يكون ملفه مدرجا بجلسة المحكمة يتعين تهييئه من طرف إدارة السجون في وقت مبكر في انتظار مثوله أمام المحكمة، الانخراط في العدالة الرقمية، حماية المال العام من الهدر جراء تنقل السجناء، تخفيف العبء عن موظفي إدارة السجون والضابطة القضائية…)؛ في انتظار التفكير مليا في اتباعها بشكل أساسي بعد زمن كورونا، الذي لا شك سيشكل مرحلة فيصلية لإعادة النظر في مجموعة من الأمور، من قبيل تبني سياسة جنائية تستحضر الأزمات والنكبات والمخاطر، وسياسة عمومية تسايرها من خلال دعم توفير الإمكانات الضرورية من معدات وتجهيزات ملائمة قادرة على مسايرة العدالة الرقمية في زمن الذكاء الاصطناعي (التقاضي الحديث) بدون أعطاب وبدون تشويش، وبدون المساس بالنجاعة القضائية شريطة جعل السلطة القضائية بجناحيها شريك وفاعل أساسي لا مندوحة عنه.