منذ الوهلة الأولى ومن خلال العنوان الذي وضعناه عمدا لتحليل واقع جسم صحفي مريض مليء بالمغالطات يتضح أن الكلمة المفتاح و التي أثارث القارئ هو كلمة “قاضي” و كلمة جريمة أو فضيحة فيكفي لإثارة الرأي العام و القارئ و للأسف الشديد هذا ما دأبت عليه العديد من الأقلام المأجورة هو إرفاق كلمة أو مصطلح “فضيحة” بشخصية قاضي أو مسؤول سامي لتحقيق “البووز” أو أعلى نسبة من المتابعة.
فالعنوان الذي وضعناه اليوم لهذا المقال من المؤكد أنه أثار فضول العديد من القراء ليبقى السؤال الذي سيطرح نفسه! ما علاقة القاضي بالجريمة؟ مادام إبن أخته هو الجاني و لماذا زج بإسم القاضي في العنوان ؟و لماذا صفة القاضي بالذات و ما القيمة المضافة الذي سيضيفها لقب قاضي للمادة الإخبارية، أخلاقيا و مهنيا لا يمكن أن يسجل العنوان أي إضافة للمقال بل على النقيض من ذلك يعتبر ذلك مسيئا وخرقا سافرا لمبادئ ميثاق أخلاقيات المهنة و ضوابطها لأنه يعد تلفيقا للتهم و رجما لأعراض الناس بالباطل.
فقد شهدت الصحافة الإخبارية في السنوات الاخيرة تدهورا كبيرا بعد أن تغيّرت طرق التواصل بين الناس وطريقة عمل وسائل الإعلام.
فاليوم، يحصل معظمنا على الأخبار من خلال الهواتف النقالة ومن المنصات الإلكترونية التي نمت بكثرة باستغلال البيانات الشخصية لمستخدمي الإنترنت، وبالحوز على الإعلانات المربحة التي كانت تنتفع منها وسائل الإعلام التقليدية وأصبح هذا هو هدفها الأساس دون أي إعتبارات مهنية أخرى .
لكن وللأسف الشديد و بفعل الأخبار الزّائفة والدعاية الربحية إضافة إلى الإنتهاكات الوقحة المتداولة عبر صفحات الإنترنت،و التي أصبحت مواد دسمة كتلفيق تهم و حشر ألقاب مسؤولين و أصحاب مناصب قيادية سامية في فضائح إرتكبها أحد أقاربهم من أساسيات المواد الإعلامية الرنانة و العناوين المثيرة للرأي العام و المطلوبة لشريحة عريضة من المتتبعين أفرزتها منشورات من هذا القبيل هدفها “البوز” من خلال جلب أكبر عدد من نسب المشاهدة و دغدغة مشاعر المتتبعين لتحقيق أرباح ولو على حساب حياة المسؤولين الخاصة دون أي إعتبار لما قد تخلفه المادة الإخبارية من أثار سلبية عليهم و على أسرتهم الصغيرة دون النظر الى مدى صحتها إعلاميا أو أخلاقيا .
ليبقى اكتساب ثقة الجمهور هو السبيل الوحيد للإستمرارية و المصداقية من خلال الإبتعاد عن مثل هذه الممارسات و احترام أخلاقيات مهنة المتاعب الهدف المنشود لعدد من الجرائد القليلة التي تطمح إلى وضع بصمتها على الساحة الإعلامية رغم الإكراهات التي تواجهها و ذلك للتغلب على هذه الآفة وذلك عبر خلق جيل جديد من المتتبعين و القراء الذي يؤمن بإحترام الحياة الخاصة للأشخاص وحريتهم الشخصية و يميز ما بين الصحافة الحرة النزيهة و السخافة المنتشرة عبر العديد من أعمدة بعض المواقع الإلكترونية المحسوبة ظلما و عدوانا على الصحافة .
عزيز بنحريميدة