مع بداية موسم الصيف، تتحول شواطئ الدار البيضاء إلى ملاذ للآلاف من المواطنين الباحثين عن الترفيه والاستجمام، هربًا من حرارة المدينة. لكن للأسف، ما يُفترض أن يكون فسحةً للراحة يتحول أحيانًا إلى مأساة، مع تزايد حالات الغرق التي تُسجل بوتيرة مقلقة كل سنة.
في مقدمة هذه الشواطئ نجد:
- شاطئ عين الدياب، الأكثر شهرة وازدحامًا،
•شاطئ لالة مريم (المعروف محليًا بـ “ببسي”)، الذي يستقبل يوميًا الآلاف من الزوار،
•وشاطئ مدام شوال، الذي يشهد إقبالًا متزايدًا خاصة من سكان الأحياء المجاورة.
رغم الجهود التي تبذلها السلطات المحلية والوقاية المدنية، إلا أن منظومة السلامة الشاطئية تبدو غير قادرة على مجاراة الضغط الكبير على هذه الشواطئ، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع. فعدد السباحين المنقذين، رغم مهنيتهم وتفانيهم، يبقى محدودًا بشكل لا يتناسب مع الامتداد الشاسع لهذه الشواطئ وكثافة الوافدين.
في بعض الأيام، يتجاوز عدد المصطافين عشرات الآلاف، في حين لا يتعدى عدد المنقذين بضع عشرات، موزعين على مسافات طويلة. هذا التفاوت العددي يطرح تساؤلات جدية:
•هل يمكن لمنقذ واحد مراقبة مئات المتر المربعة من الشاطئ؟
•هل تم فعلاً تخصيص عدد كافٍ من المنقذين بناءً على حجم الإقبال المتوقع؟
والأخطر أن بعض حالات الغرق تقع في مناطق غير محروسة أو غير مخصصة للسباحة، دون وجود لوحات تحذير واضحة أو تدخل استباقي.
الاعتماد الكلي على فرق الإنقاذ، رغم أهميتها، لم يعد كافيًا وحده. فحتى الفرق المؤهلة تجد نفسها في وضع صعب، في غياب دعم لوجستي كافٍ، ومعدات إنقاذ، وأبراج مراقبة في مواقع استراتيجية.
من جانب آخر، يُسجَّل غياب واضح لحملات التوعية، وافتقار بعض الأسر والشباب إلى ثقافة السلامة البحرية، ما يُفاقم من المخاطر، خاصة في صفوف الأطفال والمراهقين.
فهل ستستمر الفواجع صيفًا بعد صيف؟
أين هي المقاربة الاستباقية التي تشمل تأهيل الشواطئ، وتوسيع فرق الإنقاذ، وتحقيق توازن حقيقي بين عدد المصطافين والمراقبين؟
وهل الجماعات المحلية والسلطات المعنية تدرك حجم المسؤولية الجماعية في ضمان سلامة الأرواح؟
ما هو مؤكد أن واقع شواطئ الدار البيضاء اليوم، من عين الدياب إلى لالة مريم ومدام شوال، يستدعي مراجعة شاملة وعملًا ميدانيًا جادًا، قبل أن يتحول كل صيف إلى موسم للفواجع بدل الاستجمام و الراحة