عرفت جلسة محاكمة سعيد الناصري، الرئيس السابق لمجلس عمالة الدار البيضاء والقيادي السابق في حزب الأصالة والمعاصرة، تطورات درامية جديدة، بعدما أدلى بتصريحات مثيرة أمام هيئة المحكمة، أعادت خلط أوراق واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وتشابكاً في المشهد القضائي المغربي، والمعروفة إعلامياً بملف “إسكوبار الصحراء”.
الناصري، الذي يواجه تهماً ثقيلة، عاد في جلسة اليوم إلى موضوع الفيلا محل الجدل، والتي تُعد من العناصر المركزية في هذا الملف. وقال الناصري أمام المحكمة إنه لم يُقم بها سوى سنة 2020، مفنداً رواية الشاهد الرئيس في الملف، الذي أشار إلى أن إقامة الناصري تعود إلى سنة 2019.
وأكد المتهم أن ما ورد على لسان الشاهد “تزوير صريح”، مشيراً إلى أن هذا الشاهد ليس سوى “برلماني ثري” سبق أن تنازل له الناصري، بموافقة قيادة الحزب، عن مقعده البرلماني في ظروف وصفها بـ”الملتبسة”. وأضاف أن هذا البرلماني هو من يقف وراء الزج به في السجن، عبر تقديم وثائق مزورة، ليستفرد وحده بعائدات شركة تجمع بينهما.
ولم يتردد الناصري في ذكر أسماء عدد من المسؤولين والشخصيات البارزة، قال إنهم كانوا شهوداً على تاريخ استقراره بالفيلا، مشيراً إلى أمين عام حزب سياسي، ووزراء، وبرلمانيين، ولاعبين وداديين، وسائقي سيارات أجرة، بل حتى مسؤولين كبار في الجامعة الملكية لكرة القدم، ولمّح إلى أن رئيس الحكومة نفسه يعلم أن انتقاله إلى الفيلا لم يتم إلا في سنة 2020. وقال الناصري في هذا السياق: “رئيس الحكومة يعرف أنني لم أسكن هناك إلا في 2020، وقد التقيته أمام الفيلا وقال لي: ها أنت وليتي جارنا”.
وتوقف الناصري عند جزئية بالغة الحساسية حين أشار إلى أن هذه التصريحات قد لا تكون مدوّنة في محضر الجلسة، لأن كاتب الضبط لم يثبتها، ولأن الدفاع لم يطلب ذلك صراحة.
تصريحات سعيد الناصري، التي وصفت داخل الأوساط الحقوقية بـ”الخطيرة”، لم تخلُ من رسائل مبطنة، حيث أكد أن الشاهد الرئيسي – الذي يملك ثروة طائلة وُصفت بـ”الغامضة” – قد يُواجه مستقبلاً تطورات قضائية مفاجئة، إذا ما قرر الناصري كشف كل ما لديه عن هذه المرحلة، وما جرى داخل الفيلا، ومن كان يتردد عليها من شخصيات “وازنة”.
وأشار الناصري إلى أن الشخص المعني “راكم ثروة طائلة في ظروف غير مفهومة، رغم أن أول مهنة مارسها كانت تدعو للخجل”، في إحالة ضمنية على ماضيه الاجتماعي. وتحدث عن معطيات سبق أن نشرتها منابر إعلامية حول هذا “الثري البيضاوي”، تصفه بأنه “زعيم عصابة” متورط في “تبييض أموال رشاوى تخص رجال أعمال ونافذين في الأمن والقضاء والإدارة العمومية”، بحسب ما ورد في تلك المنابر.
وأفادت مصادر متطابقة أن هذا الشخص – الذي تحول إلى منعش عقاري – دأب على تقديم خدمات مجانية لمسؤولين جماعيين في الدار البيضاء، من بينها تجديد أثاث مكاتبهم بتكلفة باهظة، في مشهد قال عنه الناصري إنه جرى أمام مرأى ومسمع السلطات، دون أن يحرك أحد ساكناً.
وفي ختام تصريحاته، دعا سعيد الناصري كل من ذُكرت أسماؤهم في هذه الجلسة إلى الخروج للرأي العام والإدلاء بشهاداتهم، إما تأكيداً أو نفياً، مؤكداً أن “من يكتم الشهادة فهو آثم قلبه”.
تبقى الكلمة الأخيرة في هذه القضية بيد القضاء، الذي يواصل النظر في ملف يزداد غموضاً وتعقيداً، في انتظار ما قد تحمله الأيام القادمة من تطورات قد تعيد رسم المشهد كاملاً.
عن موقع جريدة “صوت العدالة”

