الرئيسية دين ودنيا دور المسجد في صلاح الفرد والمجتمع .

دور المسجد في صلاح الفرد والمجتمع .

Screenshot 20200708 001130.png
كتبه كتب في 8 يوليو، 2020 - 12:09 صباحًا


علي الدهبي واعظ وخطيب
صوت العدالة

للمسجد دور كبير في صلاح الفرد والمجتمع ، فأول عملٍ قام به الرسول عليه الصلاة والسلام بعد الهجرة و عند دخوله الى المدينة المنورة هو بناء المسجد النبوي الشريف، و لعل في ذلك إشارة لأهمية وجود المسجد في المجتمع الإسلامي … لقد أقام النبي دولته في المدينة على اساس بناء المسجد
ليربط العبد بخالقه ورازقه.
إن حضارة الإسلام التي أقامها لا تقوم إلا على المسجد، و لا تصلح إلا بالمسجد، ولا يكون لها نور إلا بالمسجد، فقد انطلقت معالم الإسلام من المسجد الذي كان أول شئ فعله بعد الهجرة، ليكون روضة من رياض الجنة،
إن بناء المسجد لم يكن مجرد إشارة عابرة، لكنه منهج أصيل، فلا قيام لأمة إسلامية بغير المسجد، أو قل لا قيام لأمة إسلامية بغير تفعيل دور المسجد؛ لأن المساجد الآن كثيرة، لكنّ الكثير منها غير مفعّل، ولا يقوم بدوره المنوط به، لقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم المسجدَ جامعة علمية.

المسجد في عهد الصحابة كان ملاذًا للمسلمين إذا ضاقت بهم الهموم واشتبكت الغموم أتوه وانطرحوا بين يدي ربهم، فتنفرج لهم الدنيا. المسجد في عهد الصحابة كان منارة هدى ومعهد تعليم ومدرسة تربية، لكَم تعلم فيه الجاهل، واتّعظ فيه الغافل، واسترشد فيه الضال، واهتدى فيه المنحرف. المسجد في عهد الصحابة كان مكانًا لإطعام الجائع ومواساة الفقير، المسجد في عهد الصحابة كان يضجّ بالبكاء، وتتعالى فيه أصوات التكبير والتسبيح والثناء والألسنة الصادقة بالدعاء، فما أن يدخله الداخل حتى يزداد إيمانه، ويشتدّ في الحق بنيانه. المسجد في عهد الصحابة كان مدرسة الأجيال وملتقى الأبطال، خرج من بين جنباته المفسر للقرآن العالم به والمحدث والفقيه والخطيب والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والداعي إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخرجت رحاب المساجد آنذاك قادة الدنيا الذين غيروا وجه التاريخ وأصبحت سيرتهم غُرّة في جبين التاريخ
والمسجد له اداب يجب المحافظة عليها

إن المساجد بيوت الله قد عظمها الله ، وقدرها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فسَنّ لها آدابا وأحكاما وفضائل يحسن بنا أن نُذكِّر بها، فمن آداب المساجد:

التنظف والتطهر والتطيب عند الإتيان إلى المساجد: قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ…} ، وروي عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه إذا قام للمسجد لبس أحسن ثيابه وأجودها، فسئل عن ذلك فقال: إن الله جميل يجب الجمال، وإني أتجمّل لربي وهو يقول: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
لذلك نُهى عن دخول المساجد بالرائحة الكريهة كالثوم والبصل ونحوهما، ففي صحيح مسلم يقـول صلى الله عليه وسلم : “من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم”،؟!

تنظيف المسجد وتطييبه: فكما أن المسلم مستحب له أن يأتي للمسجد متطهرًا نظيفًا، فكذلك ينبغي أن يكون المسجد مهيّأً للمصلين بنظافته وصيانته عن كل ما يؤذيهم، ألا والله ما أعظم أجر ذلك عند الله، كفاك أن النبي صلى الله عليه وسلم حزن على المرأة السوداء التي كانت تقمّ المسجد عندما ماتت. ولما رأى بصاقاً في جدار مسجده مرة، غضب غضباً شديداً، وحك البصاق وقال: { الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا }(البخاري)

عمارة المساجد: من أهم حقوق المساجد علينا عمارتها وعدم هجرها، يقول سبحانه: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ} .

المشي إلى المساجد بالسَّكينةِ والوقار: فلعظم المسجد ومكانه فإن الماشي إليه ينبغي أن يتحلى بالسكينة والوقار، فلا يسرع في مسير، ولا يزعج الناس.
والسير بالأقدام إلى المسجد أفضل ما أمكن ذلك، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيتٍ من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهما تحطّ عنه خطيئة والأخرى ترفع درجة”

الدخول إلى المسجد بالقدم اليمنى والخروج بالقدم اليسرى: وذكر الدعاء الوارد في ذلك، وهي سنة تكاد تفقد عند الكثير.

صلاة تحية المسجد: فالمسجد بيت الله العظيم، فلا بد لداخله الذي يريد الجلوس فيه من تحيته وهي ركعتان، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : “إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين” (البخاري) وهو من السنة المؤكدة جدًا التي يتساهل فيها بعض الناس.

النهي عن تخطي الرقاب : لما فيه من الأذية للناس، فقد قال النبي للمتخطي رقاب الناس: “اجلس فقد آذيت وآنيت”

النهي عن إنشاد الضالة في المسجد:فإذا ضاع له شيء بدأ يرفع صوته طالبًا لها، فهذا دعا عليه النبي صلى الله عليه و سلم قال :” من سمعتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا : لا ردها الله عليك، فإن المسجد لم تجعل لهذا .”

رفع الصوت في المسجد: حتى ولو كان بقراءة القرآن، فإذا كان مؤذياً ومشوشًا على المصلين فلا ينبغي.

تحريم البيع و الشراء في المسجد: فإنما وضع للتسبيح والالتقاء والصلاة وذكر الله وطلب العلم.

لرسالة المسجد أثر كبير في صلاح الفرد والمجتمع في جميع مجالات الحياة كما يلي:

وللمسجد أثره الفعال في الجانب الروحي والعبادي، ويكفي أنك بمجرد قراءتك لأم الكتاب تفتح باباً لمناجاة ربك. وله
أثر في المجال الدعوي: فالمسجد هو الأساس في المجال الدعوي ليس للمسلمين فحسب. ومن اثر رسالة المسجد
في المجال العلمي: فقد جعل صلى الله عليه و سلم من المسجد جامعة لنشر العلم وتخريج العلماء، وقد كانت بلاغته و فصاحته هما السبيل لذلك، فجعله جامعة كبرى للعقائد، والأخلاق والسلوك والآداب والشعر والخطابة والطموح.
وللمسجد رسالته الاقتصادية في رعاية اليتامى والفقراء، وليست قصة أهل الصفة عنا ببعيد.

ومن أثر رسالة المسجد في المجال الأخلاقي: فارتياد المسجد يغرس في النفس القيم الأخلاقية، ولهذا المعنى شرعت العبادات كلها، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
ومن أثر رسالة المسجد في المجال الاجتماعي: فالمسجد مكان التقاء المسلمين وتقوية الأواصر بينهم.

هذه هي رسالة المسجد، والله لو أديت على أكمل وجه لصلح حال البلاد والعباد، ولعلنا نتساءل عن سر نجاح المسجد في أداء رسالته ومهمته في الصدر الأول؟!! نجد أن سر نجاحه يرجع أساساً إلى فهم المسلمين الصحيح لحقيقة الحياة الدنيا ولرسالة الإنسان فيها . فلم يحدث انفصام في شخصية المؤمن بين الدين والدنيا أو بين الروح والجسد أو بين المسجد والمجتمع، بل لقد عاش المسلمون الأول في سياج الإسلام بالمعنى الشامل فَعَلَت بهم راية الإيمان، ورفعوا منارة التوحيد ونشروا لواء العدل وجعلوا كلمة الله هي العليا.

مشاركة