الرئيسية غير مصنف خلف القضبان.. مأساة معتقلين.. وأسر تدفع الثمن..؟

خلف القضبان.. مأساة معتقلين.. وأسر تدفع الثمن..؟

IMG 1344
كتبه كتب في 17 مارس، 2025 - 2:25 صباحًا

بقلم عزيز بنحريميدة
عندما نسمع عن شخص يقبع خلف القضبان، تتبادر إلى أذهاننا صور مختلفة، فقد يكون مظلومًا سُلبت حريته بلا وجه حق، أو ارتكب خطأ غير مقصود كلفه سنوات من عمره، في كلتا الحالتين، خلف تلك الجدران الباردة، تعيش أرواح تتألم، وأسرٌ تدفع الثمن الاجتماعي والاقتصادي والنفسي لغياب عائلها أو فلذة كبدها .

فقد يجد البعض أنفسهم في السجن بسبب اتهامات زائفة أو نتيجة خلل قانوني أو عدم كفاية أدلة براءته، مما يجعلهم يدفعون ثمنًا باهظًا لجرائم لم يرتكبوها. هؤلاء يعيشون في ظلام اليأس، ينتظرون عدالة قد تتأخر أو لا تأتي أبدًا. أما عائلاتهم، فتواجه أزمات معيشية خانقة، حيث يُحرم الأبناء من العائل، وتُثقل كاهل الأمهات بالمسؤوليات، مما يؤدي إلى انهيار أسر بكاملها وفي حالات أخرى تتحول الحياة إلى سواد و حزن بسبب سجن فلذة كبدها حيث تتوقف كل مفاهيم الحياة لدى الأب و الأم حيث يفتقدنه في كل مناسبة و عيد فتتحول المناسبة إلى فتق جرح لا يكاد يندمل حتى يحضر طيفه محولا جو المناسبة إلى كأبة و حزن عميق لا يستشعره إلا من فقد عزيزا على قلبه.

فيأتي العيد و هو الفرحة التي ينتظرها الجميع، و الأمل الذي يُعيد البهجة إلى القلوب المتعبة، لكنه بالنسبة للبعض قد يصبح مناسبة يملؤها الحزن، حين يتحول غياب الأحبة إلى جرح نازف لا يندمل. كيف يمكن للأب أو الأم أن يشعر بفرحة العيد عندما يكون فلذة كبده خلف القضبان، بعيدًا عن أحضانه، محرومًا من الدفء العائلي الذي كان يملأ أيامه سعادة؟
ففي كل مناسبة دينية، يستيقظ الأطفال على صوت تكبيرات الفرح، ويركضون إلى والديهم بملابسهم الجديدة وأياديهم الممتلئة بالحلوى والعيديات، لكن في بعض البيوت، تسود الكآبة، ويخيم الصمت، وتذرف العيون دموع الفقد. يجلس الأب في ركن منزله شاردًا، يتذكر ابتسامة ابنه وهو يهنئه بالعيد في السنوات الماضية، بينما تحاول الأم أن تخفي دموعها خلف ستار الصبر، لكنها لا تستطيع مقاومة الحنين إلى ابنها الذي اعتاد أن يكون أول من يقبل يديها صباح العيد.

فالعيد لا يكون عيدًا عندما تتحول الطاولات العامرة إلى أماكن ينقصها وجه اعتاد الجميع أن يضيء المكان بحضوره. لا تكون له نفس البهجة عندما يستبدل اللقاء بالغياب، والضحكة بالحسرة، والفرحة بالألم

فليس كل من في السجون مجرمًا بطبيعته، فكثيرون دخلوا بسبب لحظة طيش، أو حادث غير مقصود، أو تصرف ندموا عليه لاحقًا. لكن العقوبات القاسية قد تجعلهم يدفعون ثمنًا يفوق حجم خطئهم، ويُحرمون من فرصة ثانية لإصلاح حياتهم.

العفو، حين يكون في موضعه، لا يُعيد فقط الحرية لمن سُلبت منه، بل يُحيي الأمل في القلوب، ويُصلح المجتمعات. قال الله تعالى: “وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ” (النور: 22). فالصفح عند المقدرة فضيلة عظيمة، تعكس قوة النفس وسمو الأخلاق. كما أن إطلاق سراح من سُجن ظلمًا، أو تخفيف الحكم عن من أخطأ دون قصد، قد يكون فرصة لإصلاحه بدلًا من تدمير مستقبله.

إن التفكير في معاناة السجناء وذويهم يجعلنا أكثر إنسانية، ويدفعنا إلى المطالبة بعدالة لا تظلم، وعقوبات تُصلح لا تُدمر. العفو عند المقدرة ليس ضعفًا، بل قوة ورحمة، وهو قيمة عظيمة يجب أن تكون جزءًا من ثقافتنا وسلوكنا تجاه الآخرين.

مشاركة