الرئيسية غير مصنف حين لا تقع الطيور، بل تتجمّع الذئاب

حين لا تقع الطيور، بل تتجمّع الذئاب

IMG 9527
كتبه كتب في 11 أبريل، 2025 - 2:14 صباحًا

بقلم: عزيز بنحريميدة

لطالما رددنا المثل الشعبي الشهير: “الطيور على أشكالها تقع”. عبارة توحي بأن من تجمعهم الطباع والميول، ينجذبون لبعضهم البعض، يلتقون، ويتحلقون كالسرب، يرفرفون في فضاء مشترك. لكن، ماذا لو لم تكن الطيور هي التي تتجمع؟ ماذا لو لم يكن التحليق في السماء، بل التواري في الظل؟ حينها لا يليق أن نقول “الطيور”، بل “الذئاب”.

الذئاب على أشكالها تقع أيضًا، لكن ليس في وضح النهار، ولا في فضاءات النقاء. الذئاب تلتقي في العتمة، حيث تُنسج الصفقات المشبوهة، ويُطبخ الفساد على نار باردة. يتعرف بعضها على بعض بلغة المصالح، ويشم أحدهم الآخر في زوايا الصمت، في نظرات التواطؤ، وفي صيغ المجاملة المغشوشة.

حين ترى أصحاب السلوك الملتوي يتقاطرون على بعضهم كما لو أن خيطًا خفيًا يربطهم، تأكد أنهم ليسوا سرب طيور، بل قطيع ذئاب. قد يختلفون ظاهريًا في الوجوه والمناصب واللهجات، لكنهم يتشابهون في القيم الغائبة، في الأنانية المتغولة، وفي الاستعداد لدهس أي شيء من أجل المصلحة.

في الحياة، ليست الطيور وحدها من تقع على أشكالها. الذئاب أيضًا تفعل، والفرق بينهما هو أن الأولى تبحث عن الأمان والانتماء، والثانية عن الفريسة واقتسام الغنيمة.

ما أكثر الأقنعة في هذا الزمن، وما أكثر الوجوه التي تبتسم في الضوء وتفترس في الظل. وما أكثر الذين يختبئون خلف شعارات الفضيلة، فيما هم يمارسون الرذيلة باسم القانون، أو باسم الصداقة، أو حتى باسم الوطن.

نعم، الطيور تقع على أشكالها، لكن الذئاب أيضًا. وإذا كان في الطيور ما يُطرب، ففي الذئاب ما يُرعب

مشاركة