الرئيسية أحداث المجتمع حينما تتحول الجمعيات إلى فضاءات لصناعة الضغائن والأحقاد

حينما تتحول الجمعيات إلى فضاءات لصناعة الضغائن والأحقاد

images 18
كتبه كتب في 24 نوفمبر، 2020 - 1:48 صباحًا

سأروي لكم قصة واقعية عشتها في مرحلة الثانوي اوخر التسعينيات من القرن الماضي حينما كنت طالبا شغوفا بالعمل الجمعوي و محبا للانخراط في كل الأنشطة التي كانت تنظمها الثانوية سواء منها الرياضية او الثقافية او الإجتماعية حينها خطرت ببالي أن أؤسس جمعية لتلاميذ الثانوية رفقة عدد من الزملاء في الفصل و تم إقتراح الموضوع على الادارة والتي رحبت بالفكرة خصوصا بعدما تمت مناقشة أهدافها و مقاصدها و مخططاتها وبرامجها المستقبلية، و كذا جعل ممثيلها المخاطب الرسمي بالنيابة عن طلاب الثانوية على غرار بعض التجارب الغربية ،وقد مر الامر بكل حماس و حيوية ونشاط وبدأت مرحلة ما بعد التأسيس وهي توسيع قاعدة المنخرطين و برمجة الندوات وإعداد المشاريع و التنسيق و كلنا أمل في نجاح التجربة والتي تميزت في سنتها الاولى و الثانية بالاشعاع و كانت تجربة متفردة على مستوى الاكاديمية التي تنتسب إليها ثانويتنا , عرفت إقبالا و اتساعا في رقعة منخرطيها بشكل مذهل خصوصا بعدما علم الجميع أن الادارة تدعمها و تحترم أطرها واعضاءها فكانت الانطلاقة والنتائج احسن مما تنبئنا به وكنا جد فخورين بهذا المولود الجمعوي و هذه التجربة الطلابية المتميزة والتي ستنقلب رأسا على عقب بعدما تقدم طلبة السنة الأولى بطلب تأسيس جمعية ,على غرار جمعيتنا, وبما أن القانون لا يمنع والتعددية حق مشروع للجميع.

ورغم تحفظنا نحن رواد هذه التجربة إلا أن قرار الادارة قضى بالترخيص لهؤلاء الطلبة بتأسيس جمعية لها أهداف وقواسم مشتركة هدفها الاساسي كجمعيتنا هي تقديم خدمات للطلاب وتأطيرهم و توجهيهم و تمثيلهم احسن تمثيل لدى الادارة و الدفاع عن مصالحهم ضد تعسفات بعض الاساتذة و مساعدتهم عند وقوع أحدهم في حيف او ظلم او شطط من أي كان.

لكن كل هذه الاهداف ستصبح حبرا على ورق بعدما تحول الانتماء الجمعوي الى حرب تدور رحاها في الكواليس و اصبحت كل جمعية تنبش و تبحث عن زلات الجمعية الاخرى و تتربص بها و بمنتسبيها و تحولت اللحمة الى تفكك و كولسة وضرب تحت الحزام و تم تنصيب العداء للطلبة لمجرد انتماءهم الجمعوي و أصبحت كل جمعية تجتهد في إضعاف الجمعية الاخرى و تبخيس أنشطتها و إنجازاتها واستغلت الادارة هذا الانشقاق و كرست سياسة “فرق تسد “بعدما اصبح كل فريق ينقل هفوات و اسرار الفريق الاخر للإدارة والتي أصبحت تنهج سياسة العصا والجزرة ليتحول العمل الجمعوي الى أحقاد وضغائن و الوحدة الى تشرذم وتزيغ الاهداف و المخططات والبرامج عن سكتها التي رسمت لها أول مرة هي تجربة يمكن قياسها على جمعيات اخرى و في مؤسسات اخرى أصبح الجميع يتجرع مرارة ما وصلت إليه من تشردم وتفرقة وصراعات و نفاق و حقد دفين ودسائس لا لشيء سوى أني أخالفك في الرأي وللقصة بقية .. ربما يتغير أبطالها وشخصياتها لكن يعيش واقعها وتابعاتها جيل بعد جيل مع ارتفاع مستوى الدناءة و الانحلال الأخلاقي وبيع الذمم من أجل المصالح .

مشاركة