صوت العدالة : متابعة
أثار الإعلان عن مباراة لتوظيف أستاذ محاضر في تخصص “الإعلام والتواصل الرقمي وتعدد الوسائط” بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة جدلاً واسعًا في الأوساط الجامعية، وذلك بعد تداول معلومات حول قبول مسارات أكاديمية مثيرة للجدل فيما يتعلق بتوافقها مع متطلبات هذا التخصص. تركز النقاش حول كيفية تحديد معايير التخصص الأكاديمي ومدى انسجامها مع طبيعة التخصص ومتطلباته المعرفية.
يعد تخصص الإعلام والتواصل الرقمي وتعدد الوسائط من التخصصات الحديثة التي تدمج بين علوم الإعلام والاتصال والتكنولوجيا الرقمية. يتطلب هذا التخصص تكوينًا أكاديميًا دقيقًا يواكب التطورات السريعة في عالم الإعلام الرقمي والتفاعلي. لا يقتصر هذا التخصص على مفاهيم بسيطة مثل “الرقمي” أو “الوسائط”، بل يشمل أيضًا تحليل البيانات والخطاب الرقمي وفهم منصات النشر والخوارزميات الرقمية.
ورغم أن خلفيات بعض المترشحين، مثل الأنثروبولوجيا الثقافية والدراما، قد تكون لها قيمة علمية في مجالاتها الأصلية، فإنها تثير تساؤلات حول مدى تناسب هذه التخصصات مع متطلبات تدريس الإعلام الرقمي. فالتركيز في الإعلام الرقمي ليس فقط على المحتوى المرئي بل يشمل أيضًا الجوانب التقنية والإنتاجية التي تختلف تمامًا عن المجالات التقليدية.
يلاحظ بعض الخبراء أن الخلط بين الوسائط التقليدية مثل المسرح والسينما والإعلام الرقمي يشكل تحديًا منهجيًا، فالإعلام الرقمي يعتمد على تكنولوجيا حديثة وفهم معمق لمنصات النشر الرقمية، والاقتصاد الرقمي للإعلام، وهي جوانب لا توجد عادة في المسارات التقليدية مثل المسرح أو الأنثروبولوجيا.
يطرح هذا الوضع تساؤلات حول مبدأ تكافؤ الفرص في هذه المباريات. إذ يرى البعض أن توسيع مفهوم التخصص دون تحديد دقيق للمعايير قد يؤدي إلى إضعاف مصداقية مسابقات التوظيف ويحولها إلى ممارسة تأويلية مرنة، مما يضعف الثقة في الإجراءات المتبعة ويؤثر على القدرة على انتقاء الكفاءات المتخصصة.
في ظل هذه التحولات الرقمية المتسارعة، أصبح من الضروري أن تتبنى الجامعات معايير دقيقة وشفافة في توظيف الأساتذة. يتطلب الأمر أن تكون هناك صرامة أكاديمية في تحديد التخصصات الوظيفية لضمان تطابق الخبرات الأكاديمية للمترشحين مع متطلبات التخصصات الدقيقة التي تواكب التوجهات الرقمية.
وفي النهاية، تبقى العديد من الأسئلة مفتوحة حول كيفية ضبط المعايير الأكاديمية لتخصص “الإعلام والتواصل الرقمي” وضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين. إلا أن الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب تطورًا في السياسات الجامعية ووضوحًا أكبر في تحديد المعايير المتبعة لضمان النزاهة في توظيف الأساتذة.

