تقرير حول مداخلة الأستاذ عبد الحكيم الحكماوي بخصوص  موضوع “مساهمة النيابة العامة في تحقيق الأجل  المعقول” 

نشر في: آخر تحديث:

تقرير حول مداخلة الأستاذ عبد الحكيم الحكماوي بخصوص  موضوع “مساهمة النيابة العامة في تحقيق الاجل المعقول” التي ألقاها زوال أمس السبت 10 يونيو2023 برواق رئاسة النيابة العامة بالمعرض الدولي للكتاب.

في إطار الندوات التي سهرت رئاسة النيابة العامةعلى تنظيمها ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتابالمنعقد خلال الفترة الممتدة من 01 يونيو إلى 10 يونيو2023، تم تنظيم ندوة تحت عنوان “مساهمة النيابةالعامة في تحقيق الأجل المعقول” وقد ألقى المحاضرةالأستاذ عبد الحكيم الحكماوي المحام العام بمحكمةالنقض والموضوع رهن إشارة النيابة العامة.

وفي معرض تناوله للموضوع تطرق المتدخل إلى مفهوم الأجل المعقول وأشار إلى أنه مفهوم متعدد الصوروالأنواع ومتسم بطابع المرونة شأنه في ذلك شأن المفاهيم المؤسسة والمؤطرة للموضوعات المندرجة تحته. 

وقد أشارالمتدخل في مداخلته إلى أن  الفقه الجنائي المقارنوخاصة الغربي منه يذهب إلى القول بوجود ثلاث صورللأجل الإجرائي، وهي الأجل اللازم والأجل الضروريوالأجل المعقول؛ مفرقا بينها بكون الأجل اللازم هو الأجل الذي يفترض في القاضي ألا يتجاوزه إما لاتخاذ إجراءمعين أو إصدار مقرر قضائي محدد، بينما الأجل الضروري  فهو الأجل الذي يلزم للفصل في النوازل المعروضة على القضاء والتي يبقى للمتقاضين دور في تحديد مدته كما هو الأمر بالنسبة للحالات التي يعطي فيها المشرع الحق للأطراف بأن يباشروا مساطر الصلح أو  الوساطة بالرغم من جريان المسطرة القضائية، فيما الاجل المعقول فهو الأجل الذي يفترض في القاضي أن يسهر داخله على اتخاذ إجراء معين أو الفصل في النزاع المعروض عليه، وله في سبيل تحقيق هذا الأجل أن يبسط سلطانه سواء في شأن تقرير وتحديد الإجراء المناسب أوبسط رقابته على جميع المتدخلين في إنتاج العدالة منأجل أن يمارسوا واجباتهم بكل اعتدال وفي احترام تام للمبادئ المؤسسة لمفهوم المحاكمة العادلة.

وقد عرَّج الأستاذ عبد الحكيم الحكماوي على تجليات المواجهات العامة التي تحدد مفهوم الأجل المعقول على مستوى التجارب الدولية من خلال الوقوف على بعض تلكالموجهات المعتمدة من قبل اللجنة الأوروبية لنجاعة العادلةوكذا على مستوى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وماأنتجته الممارسة العملية للمحكمة الأوروبية لحقوقالإنسان في تنزيلها لمعالم الأجل المعقول الذي يبقى محددا – حسب اجتهاد المحكمة المذكورة – في ثلاثةموجهات، اعتبار طبيعة القضايا ومستوى بساطتها أوتعقيدها، ونجاعة وفعالية الإجراء المتخذ وأخيرا النظر في مدى مساهمة المتقاضين في تحقيق الأجل المعقول.

وعلى المستوى الوطني، أكد المتدخل، أن التداول القانوني لمفهم الأجل المعقول لا يزال حديث العهد فيالتجربة المغربية، ذلك أن ظهور هذا المفهوم لأول مرةتحقق بموجب الفصل 120 من دستور 2011، الذي يعتبرقاعدة دستورية عامة تخاطب بها جميع الجهات المتدخلةفي إنتاج العدالة سواء مشرعين من خلال استحضار دوركل متدخل في إنتاج العدالة والتقعيد القانوني لهذا الدورفي صلب التشريعات التي تنظم مهنته كقاضي أومحامي أو مفوض قضائي أو خبير و ما إلى ذلك، ومؤسساتي من خلال سهر أجهزة إدارة العملية القضائيةعلى تجسيد هذا المفهوم واقعا ملموسا.

وفي سبيل توضيح تعامل المشرع المغربي مع الآجال الإجرائية ذات الارتباط بإصدار المقررات القضائية داخل أجال معقولة، أكد الأستاذ عبد الحكيم الحكماوي على أن التجربة التشريعية المغربية في الوقت الحالي تعرف أربعةأنواع من الآجال؛ وهي الآجال القانونية التي حدد فيهاالمشرع مددا محددة إما لاتخاذ إجراء معين أو إصدارمقرر قضائي في بعض الأنواع من القضايا وقد أعطى على ذلك أمثلة متعددة من خلال ما تم التنصيص عليه في قانون المسطرة الجنائية أو قوانين أخرى، والآجال الضرورية وقد قعّد لها المتدخل من خلال مقتضيات المادة13 من قانون التنظيم القضائي الجديد الذي يعطي للمحكمة الحق في عرض الصلح أو الوساطة الاتفاقية على الأطراف في الحالات التي لا يكونا فيها إلزاميين بحكم القانون أو في الحالات التي لا يمنع فيها القانون ذالك، بحيث أشار المتدخل إلى أن الأجل الضروري لإصدار المقررات القضائية في مثل هذه الحالات يصبح رهينا بالمدة التي يمكن أن تستغرقها إجراءات الصلح أوالوساطة الاتفاقية في حالة لجوء المتقاضين إلى هاتين المسطرتين، وأما الحالة الثالثة فهي الآجال الاسترشاديةالتي أعطت المادة 108 مكرر من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية صلاحية تحديدها وفق معايير  معينة مبنية على استقراء واقع الفصل في النزاعات  والعمل القضائي، وهي آجال على القاضي استحضارها غير أنها لا ترقى إلى مستوى الإلزام الذي للأجال الانونية، وأخيرا الآجال المعقولة التي يبقى للقاضي العمل على تحقيقها باعتباره جزءا لا يتجزأ من منظومة إنتاج العدالة.

وكآثار لظهور هذا المفهوم على مستوى التشريعالمغربي، أكد المتدخل على أن وجود هذا المبدأ لا يدخلفي باب الترف التشريعي وإنما هو معيار لمدى تجسيدمبادئ المحاكمة العادلة التي تفترض الحصول علىمقررات قضائية في أجل معقول، ولذلك فإن ترتيبالمسؤولية عن كل إخلال بهذا المفهوم يبقى أمرا مطلوبافي مواجهة كل الفاعلين في إنفاذ القانون، سواء علىمستوى الشرطة القضائية خلال مرحلة الأبحاثالتمهيدية، أو على مستوى قضاء النيابة العامة أو قضاءالتحقيق أو قضاء الحكم، كما أن نفس القدر منالمسؤولية يلقى على عاتق المسؤولين القضائيين من خلالالتزامهم بتدبير العملية القضائية ومراقبة كل الفاعلين فيإنتاج العدالة كل حسب اختصاصه ودائرة نفوذهوالصلاحيات التي يعطيها له القانون في سبيل كل ذلك.

وبخصوص مساهمة النيابة العامة في تحقيق الأجلالقانوني فقد أكد المتدخل على أن رئاسة النيابة العامةباعتبارها المسؤولة دستوريا وتشريعيا على تنفيذالسياسة الجنائية فإنها تقوم بتوجيه تعليماتها الكتابيةوالقانونية في العديد من جوانب التدبير الإداريللإجراءات القضائية خاصة تلك التي يتولى القيام بهاقضاة النيابة العامة، وفي هذا الصدد أكد المتدخل أنالعديد من الدوريات و المناشير الصادرة عن رئاسةالنيابة العامة أكدت على ضرورة مساهمة قضاة النيابةالعامة في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لسير الأبحاثالتمهيدية أو الضرورية لتنفيذ قرارات هيئات التحقيق أوهيئات الحكم في سبيل التعجيل بالت في القضاياالمعروضة عليها، ذاكرا ما يتعلق بأهمية الزمن في تدبيرقضايا المعتقلين الاحتياطيين وكذا ما يتصل بقضاياالمغاربة القاطنين بالخارج. وقد ذكَّر الأستاذ عبد الحكيمالحكماوي في هذا الصدد بمخرجات اللقاء التواصليالذي جمع بين السيد رئيس النيابة العامة والسادةالمسؤولين عن الشرطة القضائية سواء الأمن الوطني أوالدرك الملكي محددا نوع الإجراءات التي يجب أن تراعىفيها السرعة في الإنجاز مع الدقة في ذلك، رابطا كل ذلكبالآجال الافتراضية المحددة لتدبير الشكايات والمحاضر، والتي أكد بخصوصها أن المدة الافتراضية لدراسةالشكايات واتخاذ ما يلزم من القرارات المتعلقة بها هي24 ساعة، بينما الآجال القصوى المفترضة للفصل فيموضوع الشكاية فقد حدد في ثلاثة أشهر، فيما الأجلالمفترض للاتخاذ القرار المناسب بشأن موضوع المحاضرفهو شهرين. كما أكد المتدخل على أن تدبير الزمنالقضائي لا يرتبط مباشرة بتحديد آجال معينة وإنما قديكون نتاجا لحسن اتخاذ القرار وتدبير وضعية الشكاياتوالمحاضر من خلال التأكد مما إذا كان هناك تعددللشكايات ذات الموضوع الواحد والأطراف الواحدة حيثيلزم ضمها لاتخاذ إجراء واحد بشأنها تفاديا لطول الوقتواختصارا لإجراءات، كما أكد ان المنظومة الرقمية التيتتوفر عليها المحاكم وخاصة نظام ساج يعطي الفرصةلتحقيق مثل هذه الأهداف.

وختاما أكد المتدخل أن الجهود التي تبذلها النياباتالعامة بالمغرب كلها تسير في اتجاه المساهمة في تحقيقالآجال المعقولة وفق ما يقره التشريع وما توجبه السياسةالجنائية المنتهجة من قبل رئاسة النيابة العامة ضماناللأمن القضائي فيما يتصل بتدخل النيابة العامة فيالإجراءات وما يرتبط بأدوارها الدستورية والتشريعية.

اقرأ أيضاً: