فوزي حضري / صوت العدالة
انتشرت مؤخرا وعلى نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات لتلاميذ يكرمون أساتذتهم بهدايا رمزية عبارة عن حلوى أو شوكولاطة ،كتعبير منهم حسب ما يبدو عن الامتنان والتقدير …
هذه المبادرة من التلاميذ ،انتشرت بمؤسساتنا التعليمية بشكل غريب ،لدرجة أصبحت مواقع التواصل تعج بمثل هذه الفيديوهات وخاصة المواقع الربحية التي يبحث أصحابها عن أكبر عدد من المشاهدات لزيادة مداخيلهم المادية .
هي مبادرة لاقت استحسان فئات واسعة، سواء من داخل الجسد التعليمي أو خارجه وذلك لٍما تحمله من اعتراف وتقدير واحترام وامتنان لرجل التعليم على مايبذله من مجهود في سبيل تأدية رسالته التربوية ، وهي تحفيز له للمزيد من البذل والعطاء حسب رأي البعض .
غير أنه وفي مقابل من استحسن الفكرة باعتبارها دليل على العلاقة الطيبة بين التلميذ ومدرسه ،هناك من رأى العكس من ذلك معتبرا أنها ليست دليلًا على محبة التلاميذ وإكرامِهم لمعلمهم، على قدر ما هي دليل على مدى سيطرة “السوشل ميديا” على عقول التلاميذ ، ومدى سيطرة “التبعية” على شخصياتهم.. أي مجرد تقليد أعمى لما يُنشر على المواقع .
في حين اعتبر آخرون أن الأقسام والفصول الدراسية هي أماكن للتدريس والتعليم والتعلم. وليست استديوهات للتصوير . وأن تكريم الأستاذ والاحتفاء به واجب وحق على الجميع، لكن في اليوم العالمي والمناسبات والمحطات الرسمية وعلى الصفحات الرسمية حفاظا على حرمة الأقسام من العبث .
وتساءل البعض في تعليقاتهم على هذه المبادرة ،هل شملت كل الأساتذة دون استثناء أم أنها كانت انتقائية ؟ لأن ذلك في نظرهم قد يخلق تمييز وشرخ بين أساتذة المؤسسة الواحدة وهو مايحب أن يتنبه له التلاميذ حفاظا على القيمة الرمزية للمبادرة.
وبين مؤيد و معارض ، علق أحدهم “رحلتي من البيض البلدي واللبن إلى ميلكا وماروخا” وهو تعليق لخص من خلاله مسار هذه المبادرة التي خلقت الجدل ،على أنها ليست وليدة اليوم ولا هي وليدة تقليد أعمى لِما يروج على السوشل ميديا ،ولا هي محاولة من التلاميذ للتقرب من أساتذتهم للحصول على نقط مميزة ،بل هي مبادرات كانت موجودة منذ سنوات وقد عاشها رجال التعليم الذين درسوا بالعالم القروي قبل ظهور الفايسبوك والتيكتوك وغيرهم من مواقع التواصل ، حيث كانت الأسر وبشكل تلقائي تتقاسم مع المعلم بعضا مما تنتجه من ” ألبان وبيض بلدي” تعبيرا عن تقديرها وامتنانها لرجل التعليم ولرسالته النبيلة .وما هذه المبادرة إلا امتداد واستمرار لهذا الحب والتقدير …