بقلم رشيد أنوار
لاتزال مخلفات الدمار تغطي مساحة شاسعة من سوق الثلاثاء بانزكان، ولاتزال ايادى عمال الإنعاش و المتطوعون تحاول جاهدة إزالة رماد الحريق.
السواد يغطى المكان و صورة الفاجعة تبكى الزائر قبل التاجر …
محمد تاجر رصيف مند الثمانينات استطاع كراء محل تجاري بالسوق الاسبوعى، كان يفكر في البحث عن بديل بعدما تراجعت التجارة بالسوق مع افتتاح أسواق أخرى و غزو السلع التركية و اليابانية، و تراجع النسيج عامة، حيث أصبح الأمر لا يطاق مع كثرة المصاريف و شح المدخول، جل السلع الموجودة بالمحل مستوردة من مدينة الدار البيضاء مقابل شيكات بعيدة الأجل.
بعد سماع رنين الهاتف بعد منتصف الليل من ليلة الكارثة يهرول محمد على عجل للالتحاق بالسوق ليقف على منظر السنة النيران تلتهم المكان؛ و شضاياها تتلاوح في الأفق، منظر جعل صاحبنا يحملق دون النطق ببنت شفة. من يومها لم يستوعب محمد الأمر بعد و أصيب بانهيار في انتظار ما ستسفر عليه قادم الأيام، من متابعات و حجز من ذوى الحقوق.
نهاية الحلم …
عبد الغفور الشاب ذو الثلاثين ربيعا عاش متنقلا بين محلات السوق منذ صغره، يهتف بأثمنة السلع “ريكلام” بصوت مميز؛ جعل التجار يتخدونه لقبا له فيما بعد، بعد سنين استطاع الحصول على ثقة أحد الأشخاص ليدخل معه شريكا في محل تجاري بالسوق، زينه بما تشتهى العين من اللباس لجدب الزائر في ظل اشتداد التنافس وقلة الطلب، كان كثير الحركة و معروفا بالبحث عن الجديد بحيوية الشباب، مشاريع شخصية تلوح في الأفق، وتخطيط لفتح باب الزوجية في الصيف المقبل، بعدما شاع الخبر بين الاصدقاء بالجناح، و شروطهم للوليمة. لتأتي النيران على الأخضر و اليابس و تعيد عبد الغفور إلى نقطة البداية، في مشهد دمعت له عينه ….
إيمان بالقدر و نقمة على البشر
“دا على “شيخ فقه التجارة، و خبر تقلباتها، جعل من متجره معتكفا يذكر فيه الله تارة، ويقرأ ما تيسر قنوع بما يبيع ، جل معروضاته من اللباس التقليدى الأمازيغي ، جلابيب بلاغى صفراء، لم يشأ أبناءه اخباره بالواقعة خوفا على حياته، كان قد لحظ تغيرا في ملامح ابنه وفطن إلى أن امرا وقع بعدما وجده على غير عادته ينتظره للفراغ من صلاة الفجر.
بعد أن سرد عليه الواقعة، رد الأب “اللهم إنا لا نسألك رد القضاء و إنما اللطف فيه “لينطلق إلى السوق ، وبعد الوصول صب جم غضبه على المسؤولين مذكرا بعدد الشكايات الشفوية و الملاحظات التى لم يكن أحدا يعيرها الاهتمام …..