عذرا يُسرى نحن في عطلة ولن نستطيع فعل أي شيء تجاهك سوى الدعاء لك بالرحمة ولوالديك بالصبر..
صعب جداً أن تفقد ابنتك في عمر الزهور، ليس موتاً بمرض واضح حتى نعتبره قدرا منزلا، إنه موت فظيع في بلاعة!! نحن إذا من قتلنا يُسرى بسبق إصرار وترصد..
نحن من يضع الصفقات على المقاس ونعيد ترميم الطرقات والشوارع عشرات المرات لكي نبني الفيلات ونشتري السيارات ونسافر، وننسى إغلاق البالوعة لأنها مثل بطوننا التي لاتشبع..
يسرى ماتت والحكومة تعلق فشلها على قلة الشتاء وتدعونا لأن نتضرع للخالق أن يجود علينا بالأمطار، وتنسى هذه الحكومة أنها لا تملك أليات الصرف الصحي، وأن نخبها تنسى إغلاق الحفر والبالوعات..
عذراً يسرى نحن في البرلمان في عطلة، لذا لن نستدعي رئيس الحكومة لنساءله عن موتك، سنكلف لجنة للبحث في الموضوع وستظل سنوات تبحث حتى تنتهي ولايتنا تماماً كلجنة تقييم المخطط الاخضر وغيرها..
يسرى سامحينا نحن في عطلة، ومن حسن حظنا أن كل هذه الأحداث التي وقعت من سردين “عبد الإله المراكشي”، للغلاء الحارق، لتدهور القدرة الشرائية، جاءت ونحن في عطلة حتى لانُحرج مع حكومتنا، فنحن حريصون على مزاجها وعلى إرضاء رئيس الحكومة..
رمضان هذه السنة ساخن بكل شيء، أكثر من سخونة الحريرة التي ماعادت تؤثث بيوتنا جميعاً نظراً لكل هذا الغلاء، وفيه جاءت عطلتنا لذا سامحونا لن نفيدكم بشيء..
أجلوا احتجاجكم وشكواكم حتى نعودوا سالمين من هذه العطلة الطويلة، فقد تعبنا فعلاً من التصويت، صوتنا على كل شيء جاءت به الحكومة ولم نعارضها، لم نرفض لها اي شيء..
نحن جزء منها وهي جزء منا، تماما كما قال الحلاج “نحن روحان حللنا جسداً”..
لذا لاتعولو علينا فنحن في زواج أيضا مع الحكومة، والزواج في السياسة حلال مع المال، وحتى معانا ليس عيباً إنه محصلة طبيعية لمنطق حكومة حولتنا الى زبائن..
عذرا يُسرى موتك يساءلنا جميعاً ويطرح سؤال السياسة والنخب في هذا الوطن، يطرح أيضا مسؤوليتنا في الإختيار، فنحن من إختار الأحسن لذا نستحق ما نحن فيه..
عفواً يُسرى حتى لو لم نكن في عطلة لن نستطيع فعل اي شيء لك، ببساطة لأننا عاجزون..
نحن هناك فقط لنصفق، لنرفع الأيادي لنبارك للحكومة انجازاتها الرائعة في تحلية كل شيء، لكنها نست أن تحلي حياتنا وبدل ذلك زادتها مرارة وأكبر مرارة أن تموتي في بلاعة..
علينا يا صغيرتي أن نستقيل جميعا من مهامنا، فلا “عبد الإله مول السردين” الذي فضحنا وحل محلنا في فضح الشناقة والسماسرة والمحتكرين دفعنا لذلك، ولا أنت أيضا بموتك السريالي..
اترين يايُسرى كم نحن لانملك حمرة الخجل، وبالدارجة يا ابنتي “حنا وجهنا قاسح”، وبدارجة أكثر شعبية “مقزدرين اوجاهنا”..
سامحينا يا يُسرى فكم من بلاعة مفتوحة مع هذه الحكومة وننتظر اغلاقها…
د.عبد الرحيم بوعيدة
استاذ جامعي