صوت العدالة : محمد زريوح
بعد أسابيع طويلة من الانتظار والألم، تلقت أسرة الشاب أسامة همهام، اللاعب في فريق الأمل الرياضي العروي، أخيرًا خبر استكمال الإجراءات القانونية اللازمة لنقل جثمانه إلى المغرب. أسامة، الذي لقي حتفه في حادث مأساوي بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل البحرية الجزائرية أثناء محاولته الهجرة غير الشرعية نحو السواحل الإسبانية، كان قد أسس لنفسه سمعة مميزة في مجال الرياضة بمدينة العروي. وترك غيابه فراغًا كبيرًا في قلوب عائلته وأصدقائه وزملائه في الفريق.
منذ حادثة مقتله، التي أثارت صدمة كبيرة في المجتمع المحلي، ظل جثمان أسامة مودعًا في أحد المستشفيات الإسبانية بينما كانت الإجراءات القانونية والإدارية تستغرق وقتًا طويلاً. التحديات المرتبطة بتوثيق الجثة وإجراء الفحوصات اللازمة تأخرت عملية تسليم جثمانه إلى عائلته. ولكن الآن، بعد عدة أسابيع من الانتظار العصيب، أصبح بإمكان الأسرة تلقي جثمانه وإقامة مراسم وداعه في وطنه.
صلاة الجنازة المقررة يوم السبت 15 نونبر في جماعة تيزطوطين – احريكاتن، تمثل لحظة مهمة في هذه المأساة، حيث سيوارى جثمان أسامة الثرى بمقبرة احريكاتن وسط أجواء مليئة بالحزن. الكل في انتظار هذا اللحظة لتوديع الشاب الطموح الذي كان يحمل في قلبه حلمًا بمستقبل رياضي أفضل. الأسرة والأصدقاء وزملاء أسامة في الفريق تجمعوا جميعًا للوقوف إلى جانب ذويه، في هذا الوقت العصيب، داعين له بالرحمة والمغفرة.
فقد أسامة، في مقتبل العمر، صدم الجميع، فهو لم يكن فقط لاعبًا في فريق الأمل الرياضي العروي، بل كان أيضًا شابًا مجتهدًا ومخلصًا في طموحاته. كان يُنظر إليه على أنه نموذج للإصرار والعمل الجاد في الرياضة، وكان مستقبله مشرقًا قبل أن تنهي رصاصة غادرة تلك الأحلام. الأسرة كانت تتمنى أن يكون وداعه في ظروف أفضل، لكن المعاناة التي عاشوها منذ الحادثة جعلت هذا الوداع أكثر ألمًا.
وقد عبرت الأسرة عن شكرها الكبير لكل من قدم الدعم والمعونة خلال هذه الفترة الصعبة. وكانت دائمًا تأمل أن تتمكن من استلام جثمان أسامة بأسرع وقت ممكن لإتمام مراسم الدفن والحداد بشكل لائق. هذه المأساة التي مرت بها الأسرة سلطت الضوء على الصعوبات التي تواجهها العائلات التي تتعرض لمواقف مشابهة، بالإضافة إلى التعقيدات الإدارية التي قد تؤخر عملية تسليم الجثث.
هذا الحادث يعكس واقعًا مريرًا يعيشه العديد من الشباب المغاربة الذين يتخذون من البحر وسيلة للهروب من ظروفهم المعيشية الصعبة. الهجرة غير الشرعية هي واحدة من أخطر المخاطر التي يواجهها الشباب المغاربي في سعيهم وراء حلم حياة أفضل في أوروبا. لكن هذا الحلم غالبًا ما ينقلب إلى كابوس مرير، حيث يواجه هؤلاء الشباب المجهول، ويواجه بعضهم الموت في بحرٍ لا يعرف الرحمة.
الحديث عن أسامة اليوم هو حديث عن مأساة شاب كان يحمل حلمًا طموحًا وقدرًا مفجعًا في الوقت نفسه. وفقدانه يطرح العديد من الأسئلة حول الأسباب التي تدفع الشباب إلى المجازفة بحياتهم في البحر، وكيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة من خلال تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المغاربية، حتى لا تتكرر مثل هذه القصص المؤلمة.
كما أن هذه الحادثة تُعد تذكيرًا آخر للألم الذي يواجهه العديد من العائلات في ظل تصاعد محاولات الهجرة، ويجب أن تحفز الجميع للعمل على إيجاد حلول لهذه الأزمة التي لا تنتهي. أسامة لم يكن مجرد ضحية، بل كان صوتًا للكثير من الشباب الذين يسعون لتحقيق أحلامهم، لكنهم ينتهون ضحايا لرحلة قاسية عبر البحر.

