بقلم عزيز بنحريميدة
يُعدّ برنامج مداولة الذي تقدّمه الأستاذة رشيدة أحفوظ أحد أبرز البرامج القانونية في المغرب والعالم العربي، حيث استطاع على مدار 25 سنة أن يكون منبراً لنشر الثقافة القانونية وتعزيز الوعي بالحقوق والواجبات لدى المواطنين.
انطلق البرنامج في أواخر التسعينيات، في وقت كانت الثقافة القانونية محدودة لدى عامة الناس. ومنذ ذلك الحين، حرصت الأستاذة رشيدة أحفوظ، وهي قاضية سابقة، على تقديم قضايا قانونية بأسلوب مبسط من خلال محاكاة المحاكمات الحقيقية، مما ساعد المشاهدين على فهم كيفية عمل القضاء المغربي وآليات تطبيق القانون.
ما يميز مداولة هو المزج بين الدراما القانونية والواقع، حيث يتم تمثيل القضايا المعروضة بناءً على ملفات واقعية مع الحفاظ على سرية الأطراف المعنية. يعتمد البرنامج على سيناريوهات محكمة الصياغة تجسّد مراحل التقاضي من المرافعات إلى النطق بالحكم، مما يُضفي عليه طابعاً تعليمياً وتوعوياً.
على مدار ربع قرن، أسهم البرنامج في نشر الثقافة القانونية من خلال تبسيط القوانين وتقديمها بأسلوب سهل الفهم، كما رفع الوعي بالحقوق والواجبات خاصة في قضايا الأسرة، العقود، والجريمة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم في تعزيز ثقة المواطنين بالقضاء عبر توضيح آليات التقاضي وشفافية المحاكم، كما ألهم العديد من الطلاب والشباب لمتابعة مسارهم في مهنة القضاء والقانون.
على الرغم من التحولات الإعلامية وتغيّر اهتمامات المشاهدين، حافظ مداولة على مكانته كأحد أكثر البرامج متابعةً في المغرب. ويعود ذلك إلى احترافية تقديمه، وواقعية القضايا المطروحة، والتحديث المستمر لمضمونه ليواكب التغيرات القانونية والاجتماعية.
يبقى برنامج مداولة نموذجاً للإعلام الهادف، حيث تجاوز دوره الترفيهي ليصبح مرجعاً قانونياً يساهم في نشر الوعي وتعزيز العدالة. وبتوجيهات الأستاذة رشيدة أحفوظ، يستمر البرنامج في أداء رسالته التربوية، مؤكداً أن الإعلام يمكن أن يكون أداةً فعالة للإصلاح المجتمعي والتوعية القانونية.
