الرئيسية غير مصنف باحة تفكير رمضانية: مكناس، مكناس…

باحة تفكير رمضانية: مكناس، مكناس…

IMG 20190525 WA0056
كتبه كتب في 25 مايو، 2019 - 1:03 مساءً

ذ.محسن الأكرمين

مكناس مدينة التناقضات الاجتماعية بوحدة قياس الوعي السياسي والانتماء الاجتماعي ، ثم بوحدة قوة حضور النفوذ والحظوة الريعية أو الاعتبارية . إنه تضارب وعي مدينة بين ماض مجيد وتحديات مستقبل لم تقدر المدينة على مواجهتها – لحد الآن – لعدة أسباب تحمل البصمة الجينية لأهل الحل والعقد الذين تداولوا على السلطة والسياسية بالمدينة ، وأخرى موضوعية مرتبطة بالتحولات الهيكلية لبنية المدينة
تمايزات أطبقت سدادة طنجرة الضغط على مدينة مكناس وجعلت من نسخة المدينة الحضرية نسخة مشوهة غير متجانسة مجاليا / اجتماعيا . مدينة يوما عن يوم تتخلي عن الزعامة (العاصمة الإسماعيلية /المركز الاستراتيجي …) لصالح مدن الساحل وما جاورها ، أو في إطار الدفع السريع بنمط الجهوية المتقدمة وافتقاد المدينة لمركزيتها القيادية .
في كل صبيحة فجرمن أيام الصيام الرمضاني بمدينة مكناس تعلن حالة الاستثناء الطوعية بطلقات مدفع الإمساك . إنها حالة ترسيم حظر التجول الإرادي الذي يسود المدينة بجل أحيائها من الشعبي إلى الكولونالي . إنها انعكاس وفيٌ لأثر الخمول الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي الذي جبلت عليه المدينة بالتلقيح ، و تمت محاصرة مكناس به وتعايش سكانها معه بالتوافق والملاءمة السلبية …
حين تتجول بمكناس تشم رائحة الصوم وقد أسدل ظله على المدينة نهارا وفرض سلطته الضاربة بملازمة أسرة النوم بالمنازل والفوز بها . حركة إن لم نقل منعدمة فهي قليلة إن أحصيناها ، وهمت كل من يرتبط رزقهم اليومي بوجوبية الخروج إلى الشارع والسعي الحثيث نحو سوق العمل الراقد هو الآخر. وترى القوم في خفة من مشيتهم يقتفون اثر ظل الأسوار الآيلة للسقوط .
“مكناس طاجينها حامي …” وهو ما قاله مولاي عبد الرحمان المجذوب في حق حاضرة مكناس . نعم الطاجين الاجتماعي أصبح أشد حرارة بفعل الضغوطات الحياتية الملازمة للساكنة بانتكاسة الوضعية المادية وتدني المستوى المعيشي لغالبية الأسر(18.7% نسبة البطالة)، خوفي الكبير من لازمة تتمة كلام المجذوب “وفي السماء طارو شقوفو ” وهذا الذي لا نرتضيه بتاتا لمدينتنا الوفية .
تنظر إلى وجوه المارة صباحا فلا تجد فيها إلا شرود النوم وبؤس حيلة اليد ،لا تجد فيها إلا قول إن أخاك بالتوكيد قد لفظه سرير النوم مجبرا إلى الشارع . فكرت في الشهر الكريم وسلطته القوية في فرض حالة الاستثناء دون أن تتحدث عليه التقارير الحقوقية الوطنية والدولية أو هيئة الأمم المتحدة . هنا اكتشفت قوة شهر رمضان الاعتبارية من حيث أن سلطته تعتلي منصة المآذن ويصبح الركوع والسجود يمارس حتى بأبواب المساجد .

مشاركة