الرئيسية آراء وأقلام اﻻرهاب بين العالم الواقعي و اﻻفتراضي…

اﻻرهاب بين العالم الواقعي و اﻻفتراضي…

IMG 20190324 WA0147.jpg
كتبه كتب في 24 مارس، 2019 - 11:35 مساءً

بهضاض محمد طه: باحث في علم النفس.

ها نحن اليوم كعالم ، أمم و ديانات نعيش أحداث ظاهرة الاسلاموفوبيا في أقصى درجات تطرفها و كما لم يسبق للعالم أن عاش مخاضها ، فمنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي خلّفت نحو 3000 قتيل من شتى دول العالم و الديانات ، و أحداث التهجير العرقي و الديني لمسلمي بورما و التي راح ضحيتها أكثر من 1000 مسلم و مسلمة .
فبعد الأحداث العديدة و المتسلسلة لأحداث إجرامية مست أقدس حق من حقوق الإنسانية – الحق في الحياة – و التي نسبت أغلبيتها كأفعال إرهابية نظمت من طرف متطرفين ، آن الأوان لنبرهن فيه للعالم على أن مصطلح الإرهاب لا يقتصر على الإسلام كديانة و هو ما أكدته المجزرة الهمجية بمسجد نيوزلندا و التي راح ضحيتها 50 مسلما و مسلمة أثناء تأديتهم صلاة الظهر بعين المكان (22 مارس 2019 ) ، والتي تحاكي أحداث العالم الافتراضي من خلال الألعاب الرقمية التي توقظ نزوة العنف الفطرية بالعقل الباطن لمدمنيها لتصبح الجريمة أو الإرهاب في العالم الافتراضي أهون بكثير من مثيلتها بالعالم الواقعي ، اذن ؛
ما المقصود ب الاسلاموفوبيا ؟ و هل يمكن ربط واقعة نيوزلندا أو غيرها كحصيلة لأعراض الإسلاموفوبيا ؟
هل يمكن ربط تأثير ادمان الألعاب الالكترونية بإيقاظ نزوة العنف و القتل الفطريتين الكامنتين في لاوعي مدمنيها مقابل الشهوة ، اللذة و الراحة لنفسية ؟

إن وسائل الإعلام و التواصل العالميين يساهمان بشكل كبير في الانتشار و الفهم الغير المنصف لمصطلح الإرهاب و غيره مما يرتبط بالاسلام ، يمكن شرح الاسلاموفوبيا أو رهاب الإسلام على أنها الكراهية الشديدة ، العداء و التحيز المتطرف من المسلمين و الإسلام ، دخل المصطلح حيز الاستخدام سنة 1997 من طرف خلية تفكير بريطانية يسارية المعتقدات تدعى رنيميد ترست لإدانة مشاعر الكراهية والخوف الموجهة ضد الإسلام أو المسلمين و التي ساهمت بشكل كبير في نشر هذه الإيديولوجيات العنصرية المبنية على الوازع الديني و الكراهية القائمة على مبدأ الجهل المكتسب من أنظمة تعليمية أسسها جاهلون باعتقادهم أن هناك أعراق من البشر ناكرين وجود عرق واحد فقط على وجه الأرض و هو العرق الذي ينتمي إليه الجميع – الانسانية – فليس هناك جينات مسؤولة عن الحقد ، الكراهية أو العنصرية بل هو أمر نتعلمه و نعززه بالجهل .
نحن اليوم أمام ظاهرة و حالة خطيرة من الإدمان، إدمان في صيغ متعددة، كالإدمان على الجنس، الألعاب الالكترونية، ألعاب القمار، الهاتف النقال ، النوم ، الكافيين و المخدرات بجميع أنواعها ، هناك علاقة وطيدة بين الإدمان و الاضطرابات النفسية و بعض الأمراض العقلية ، فهي أحيانا مسببة و أحيانا مفجرة لهذه الأخيرة ، يمكن القول أن الإدمان و المرض النفسي هما وجهان لعملة واحدة ، بحيث أكدت الدراسات أن اغلب المدمنين يعانون من مجموعة من الاضطرابات و المشاكل النفسية من قبيل القلق و الانفصام و القطبية و الاكتئاب و اكتساب الطفل سلوكيات سلبية مثل العنف والعدوانية وأثبتت دراسات متخصصة أن معظم عنف المراهقين في الولايات المتحدة سببه الرئيسي إدمان الألعاب الالكترونية خاصة العنيفة منها، و في هذا السياق فالإدمان لا يتعلق دائما بالمادة الكيميائية فقط بل أيضا كإدمان سلوكي يؤثر سلبا كنظيره و أحيانا أسوء بكثير و هو ما أكدته البحوث التي قُدمت في الاجتماع السنوي سنة 2014 للجمعية الأمريكية للطب النفسي و التي تدعم فكرة إدمان الإنترنت أو الألعاب من خلال إظهار التغيرات في الدماغ التي حددها تصوير الأعصاب ؛ اذ يمكن أن تشغل ما يصل إلى 11 ساعة من يوم المدمن و تشير الدراسات إلى أن الاستخدام القهري يؤثر على14,6 في المئة من مستخدميها إضافة إلى ذلك يعتبر الإدمان على العاب الفيديو و محاكاتها دليلا على وجود اضطراب عقلي بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن إدمان ألعاب الفيديو أصبح الآن ضمن مجموعة المشاكل النفسية والذهنية الكبيرة، حيث صنفت المنظمة اضطراب الألعاب على أنه مرض صحي عقلي جديد ضمن التصنيف الدولي للأمراض ، وقال الدكتور فالدمير بوزنياك أن هناك خصائص أساسية مطلوبة للتشخيص، أولًا ان تكون الألعاب لها الأسبقية على الأنشطة الأخرى إلى الحد الذي يتم فيه تأجيل الأنشطة الأخرى. ثانيًا، ضعف السيطرة على السلوكيات. ثالثًا، أن تؤدي هذه الحالة إلى اضطراب كبير وإعاقة في الأداء الشخصي أو العائلي أو الاجتماعي أو التعليمي أو المهني، ومن المفترض أن يستمر هذا التأثير السلبي لمدة سنة على الأقل قبل إجراء التشخيص ، إضافة إلى أنها تؤثر سلبا أيضا على الصحة الجسدية لمدمنيها بحيث تظهر عليهم أعراض مشاكل صحية مثل صداع الرأس ، ألام الظهر و الرقبة ، مشاكل الجهاز الهضمي ، مشاكل النوم ، الحزن و اضطراب نبضات القلب حسب دراسة نرويجية أجرتها جامعت برجن تمحورت حول العلاقة أو الروابط التي يمكن أن تجمع بين هذا النوع من الإدمان وبين بعض المشاكل الصحية الشائعة .
و هو ما يِؤكد بشكل واضح تساؤلنا عن إمكانية الارتباط الوثيق بين بعض الألعاب الالكترونية وتأثير العالم الافتراضي في تفجير غريزة العنف المصحوبة باللذة و النشوة جراء لعبها فما بالكم أعزائي القراء بمدى التأثير الذي ستقوم به في حالة محاكاتها واقعيا ، و الدليل على ذلك هو ما شاهده العالم بأسرة على مواقع التواصل الاجتماعي حول العمل الإرهابي الذي طال مسجد نيوزلندا بعد أن وثق الجاني جريمته بتقنية المباشر و ما أظهره من متعة ، نشوة ، سعادة و اختلال عقلي و نفسي حاد جدا أثناء قيامه بجريمته الإرهابية .

أن الأوان لكي يقوم العالم كمؤسسات و شعوب بإعادة التفكير في معني مصطلح الإسلاموفوبيا و الإرهاب و كيف أنهما يعبران بشكل كبير و غير منصف عن المسلمين و الإسلام و أن يقتنعوا كفاية بأن الإرهاب لا دين له ، فالكراهية و العنصرية لا مسبب لهما إلا التعليم الفاشل و التلاعب بعواطف و عقول الآخرين. و إن للانتشار الواسع للألعاب الرقمية العنيفة و التي صاحبها الانتشار الملحوظ للعنف الذي أصبح يدق ناقوس الخطر و التي يجب إعادة النظر فيها كمسبب أساسي لظهور العنف و تعقيد و الرقي بالإجرام في مختلف تجلياته و تأثيره سلبيا غلى الصحة العقلية ، النفسية ، الجسدية و الاجتماعية أيضا .
فهل يمكن الحديث مستقبلا عن فوبيا المسيحية، فوبيا اليهودية أو فوبيا الإلحاد و بنفس الضجة التي أثاروها حول الإسلام خصوصا بعد هذه الجريمة الشنعاء كرد اعتبار لكرامة المسلمين و لما يعيشونه من عنصرية و تمييز ؟

مشاركة