في سياق يتسم بتصاعد الخطاب الشعبوي المعادي للمهاجرين، شن حزب فوكس اليميني المتطرف في إسبانيا حملة تحريضية جديدة استهدفت الجالية المغربية، وذلك على خلفية ادعاءات تفيد بتورط شباب مغاربة في الاعتداء على مسن إسباني، رغم أن التحقيقات الرسمية كذّبت هذه الرواية.
وانطلقت شرارة الحملة بعد تداول مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه مسن يتعرض للضرب، حيث سارع ناشطون ومناصرون لحزب فوكس إلى نشر مزاعم تفيد بأن المعتدين “مغاربة”، دون انتظار نتائج التحقيق أو التحقق من المعطيات. وسرعان ما تلقفت المنابر الإعلامية المحسوبة على اليمين المتطرف هذه الاتهامات لتأجيج الرأي العام وتأليب الشارع ضد المهاجرين.
غير أن الشرطة الإسبانية أصدرت بلاغًا توضيحيًا نفت فيه بشكل قاطع صحة الادعاءات المتداولة، مؤكدة أن الواقعة لا تتعلق باعتداء من طرف مهاجرين مغاربة، وأن التحقيقات الأولية لم تثبت أي صلة للجالية المغربية بالحادث، معتبرة أن الأمر يتعلق بـ”وقائع شخصية ومعزولة لا علاقة لها بالانتماء العرقي أو الجنسيات”.
ورغم هذا التكذيب الرسمي، واصل حزب فوكس وبعض رموزه استغلال الحادث لترويج خطاب الكراهية والتحريض، في محاولة لتسجيل نقاط سياسية على حساب السلم الاجتماعي. واعتبر متابعون أن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها، بل تندرج ضمن سلسلة ممنهجة من محاولات وصم المهاجرين، وبخاصة المغاربة، بتهديد الأمن والنظام العام، في ظل احتدام المنافسة السياسية قبيل الانتخابات المحلية أو الوطنية.
ويأتي هذا التطور في وقت تتنامى فيه دعوات منظمات حقوقية إسبانية ودولية إلى مناهضة العنصرية وكبح تنامي خطاب الكراهية، الذي يشكل خطرًا مباشرًا على التعايش الاجتماعي وحقوق المهاجرين، ويهدد بالتغذية العكسية لظواهر التطرف داخل المجتمع الأوروبي نفسه.
ويُعدّ المغاربة من أقدم الجاليات المهاجرة في إسبانيا، حيث ساهموا لعقود في الاقتصاد الإسباني وسوق الشغل، ويشكلون جزءًا من النسيج المجتمعي في عدد من المدن والمناطق، ما يجعل من حملات التحريض ضدهم تهديدًا مباشرًا لمبادئ التعدد والتسامح والتعايش التي يقوم عليها المجتمع الإسباني الديمقراطي