صوت العدالة: محمد زريوح
في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وجمهورية مدغشقر، حلّ السفير جوهاري هويلا راجوبسون، الممثل الدبلوماسي لجمهورية مدغشقر في المملكة المغربية، بمدينة الناظور يوم الاثنين 27 أكتوبر، في زيارة تعتبر الأولى من نوعها منذ إرساء التمثيل الدبلوماسي بين البلدين. زيارة السفير راجوبسون تحمل طابعًا تاريخيًا خاصًا، حيث تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين المغرب ومدغشقر تطورًا ملحوظًا في مختلف المجالات، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
وتكتسب هذه الزيارة بعدًا رمزيًا عميقًا، حيث تذكرنا بحقبة تاريخية هامة في تاريخ المغرب الحديث، عندما نُفي السلطان محمد الخامس والعائلة الملكية إلى مدغشقر خلال الاستعمار الفرنسي. هذه المحطة التاريخية التي كانت محطًا لمعاناة ووفاء، أصبحت رمزًا للوحدة الإفريقية والكرامة. كما أن هذه الزيارة تعكس روح التعاون بين شعبي البلدين في مواجهة تحديات الماضي وتطلعات المستقبل. وتبقى تلك الفترة شاهدة على قوة العلاقات الإنسانية التي تربط البلدين، وتعتبر حجر الزاوية للعلاقات الحالية التي تشهد تناميًا مستمرًا في مختلف المجالات.
خلال زيارته، سيبدأ السفير راجوبسون برنامجًا حافلًا باللقاءات مع المسؤولين المحليين، حيث سيكون أول محطاته لقاءً مع المديرة العامة لوكالة تهيئة موقع بحيرة مارتشيكا، السيدة لبنى بوطالب. الهدف من هذا اللقاء هو مناقشة التحديات المتعلقة بمشروع بحيرة مارتشيكا، وهو المشروع الذي حظي باهتمام ملكي خاص خلال زيارة جلالة الملك محمد السادس إلى مدغشقر في عام 2016. هذا المشروع يُعتبر واحدًا من المشاريع الرائدة التي تهدف إلى تطوير المنطقة وتحقيق التنمية المستدامة فيها، وهو يعكس التزام المغرب بمواصلة تنفيذ مشاريع استراتيجية ذات بعد بيئي واقتصادي.
في خطوة أخرى، سيقوم السفير راجوبسون باللقاء مع ائتلاف مستثمري شمال وشرق المغرب، حيث سيركز النقاش على آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين. سيتطرق اللقاء إلى مجالات رئيسية مثل الفلاحة والطاقة المتجددة والسياحة البيئية والصيد البحري. يسعى السفير من خلال هذه اللقاءات إلى تعزيز الشراكات الاقتصادية بين المغرب ومدغشقر، وذلك من خلال تبادل الخبرات وتطوير مشاريع مشتركة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة على مستوى القارة الإفريقية.
وفي إطار تعزيز التعاون الثقافي والاجتماعي، سيتوجه السفير أيضًا إلى جمعية تيسغناس في الناظور، التي تُعنى بقضايا الهجرة والاندماج الاجتماعي. الزيارة لهذه الجمعية تحمل أهمية كبيرة، حيث تعكس البعد الإنساني للتعاون بين المغرب ومدغشقر. من خلال هذه المبادرة، يسعى السفير إلى تسليط الضوء على القضايا الإنسانية والاجتماعية التي تشترك فيها الدول الإفريقية، وتعزيز التقارب الثقافي بين شعبي البلدين. هذه الزيارة تترجم السياسة الخارجية المغربية التي تسعى إلى دمج البُعد التنموي والإنساني في سياساتها الخارجية.
تعد زيارة السفير راجوبسون إلى الناظور خطوة هامة في سياق السياسة الخارجية للمغرب، التي تواصل التركيز على تعزيز التعاون الإفريقي، بما يتماشى مع رؤية ملكية تهدف إلى ترسيخ مبدأ التعاون جنوب-جنوب. وتعكس هذه الزيارة رغبة المغرب في ترسيخ علاقات متينة مع الدول الإفريقية، بناءً على الاحترام المتبادل والتنمية المستدامة. ومع ازدياد اهتمام المغرب بالقارة الإفريقية، تعكس هذه الزيارة التزامًا قويًا نحو المستقبل المشترك القائم على التضامن والتنمية بين المغرب وبقية دول القارة.
من خلال هذه الزيارة، يعكس المغرب رغبة حقيقية في توثيق الروابط بين شعوب القارة الإفريقية، وفي مقدمتها مدغشقر، ويدعم التعاون في مجالات متعددة، على رأسها التنمية الاقتصادية، الثقافة، والعدالة الاجتماعية. هذه الزيارة تمثل كذلك خطوة نحو المستقبل، حيث يتطلع المغرب إلى دور محوري في قيادة مشاريع تنموية تسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين في إفريقيا.

