لم يكن تصريح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، بعد تتويج المغرب بالشان، مجرد مجاملة دبلوماسية عابرة. حين يؤكد الرجل الأول في الفيفا أن “المغرب بلد كبير في كرة القدم”، فهو يترجم واقعا تتعزز ملامحه سنة بعد أخرى: بلد يراكم الألقاب، ويستثمر في البنية التحتية، ويعيد صياغة خريطة اللعبة في القارة.
التتويج الثالث لـ”أسود الأطلس” في بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين لم يكن صدفة ولا ضربة حظ، بل ثمرة مشروع متكامل. من مراكز التكوين إلى الملاعب الحديثة، ومن الرؤية الاستراتيجية للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى الدينامية الجماهيرية التي تدعم المنتخبات، صار المغرب مدرسة كروية يُحتذى بها.
تصريح إنفانتينو يحمل أيضا بعدا سياسيا وديبلوماسيا. ففي الوقت الذي تبحث فيه إفريقيا عن قوة تمثلها داخل الاتحاد الدولي، يبرز المغرب كجسر يربط القارة بالعالم. نجاحاته في تنظيم البطولات واستضافته للفعاليات الكبرى تجعل منه مرشحا دائما لاحتضان منافسات عالمية، وهو ما يعزز مكانته كقوة ناعمة تستخدم كرة القدم لتأكيد حضورها الدولي.
أما على المستوى الرياضي الخالص، فقد برهن المنتخب المغربي في نهائي نيروبي أنه يملك شخصية البطل. الفوز على مدغشقر (3-2) لم يكن سهلا، بل جاء بعد صمود وإصرار وتركيز في لحظات عصيبة، وهو ما يعكس نضجا تكتيكيا وروحا قتالية ترسخت عبر التجارب المتراكمة.
في النهاية، حديث رئيس الفيفا ليس إشادة عابرة، بل اعتراف رسمي بمكانة المغرب كأحد أقطاب كرة القدم العالمية الصاعدة. اعتراف يفتح الباب أمام رهانات أكبر: تنظيم المونديال، تعزيز الحضور الإفريقي، وتحويل كرة القدم المغربية إلى مرجع قارّي.

