الرئيسية أحداث المجتمع المغرب… من “سلة غذاء محلية” إلى فاعل زراعي قاري

المغرب… من “سلة غذاء محلية” إلى فاعل زراعي قاري

morocco fruits production 780x470 1
كتبه كتب في 20 يوليو، 2025 - 8:00 صباحًا

لم يعد الدور الزراعي للمغرب يقتصر على تلبية الحاجيات المحلية أو دعم الاقتصاد الوطني فحسب، بل أصبح اليوم عنصراً حيوياً في المنظومة الفلاحية القارية، معززاً مكانته كقوة زراعية صاعدة في إفريقيا، وسط تحديات مناخية وهيكلية متزايدة.

تقرير التوقعات الزراعية 2025-2034، الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يضع المغرب في المرتبة الثالثة إفريقيًا في تصدير الفواكه، بعد كل من جنوب إفريقيا ومصر. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة إستراتيجية متكاملة امتدت لأكثر من عقدين، بدأت بمخطط “المغرب الأخضر” وتواصلت في إطار “الجيل الأخضر 2020-2030”.

تحول هيكلي في نمط الإنتاج

منذ مطلع الألفية، ارتفعت صادرات الفواكه المغربية من أقل من 0.2 مليار دولار إلى أزيد من 2 مليار دولار بحلول 2022. هذا النمو المذهل لا يعكس فقط اتساع الرقعة المزروعة، بل يعكس أيضًا تحسن الجودة واعتماد تقنيات جديدة في الزراعة والري والتسويق. وقد أضحت فئات مثل الفواكه الحمراء والطماطم المغربية تنافس بقوة في الأسواق الأوروبية، مدعومة بسمعة الجودة والقدرة على تلبية الطلب الموسمي.

معادلة الماء والزراعة

في ظل تنامي الإجهاد المائي وتوالي سنوات الجفاف، لم يكن من السهل الحفاظ على هذا المنحى التصاعدي. إلا أن المغرب راهن على إعادة هيكلة استغلال المياه من خلال مشاريع السقي الموضعي، وتثمين الموارد المائية، وتطوير الزراعات ذات القيمة العالية مقابل المساحات الكبيرة. والنتيجة: إنتاج أكثر بماء أقل.

تحديات السيادة الغذائية والتنمية القروية

ورغم هذا النجاح التصديري، يظل السؤال مطروحًا حول مدى قدرة هذا النموذج على ضمان الأمن الغذائي الوطني، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميًا، وتزايد الطلب المحلي. فالمعادلة بين التصدير والاستهلاك الداخلي تتطلب توازناً دقيقًا، كما أن التنمية القروية لا تزال بحاجة إلى دعم أقوى، خصوصًا للفئات الصغيرة من الفلاحين الذين يواجهون إكراهات مضاعفة.

نحو شراكات إفريقية جديدة

في سياق متغير، يعزز المغرب حضوره داخل الأسواق الإفريقية، من خلال شراكات ثنائية ومشاريع استثمارية فلاحية في عدد من الدول جنوب الصحراء. الهدف المعلن هو تحقيق تكامل إقليمي في سلاسل الإنتاج والتوزيع، بما يخدم الأمن الغذائي للقارة، ويقلل من تبعيتها للأسواق العالمية.

خلاصة

بين تحولات السوق العالمية، وضغوطات البيئة، وطموحات التوسع القاري، يجد المغرب نفسه أمام فرصة تاريخية لتعزيز ريادته الزراعية. لكن هذه الريادة لن تكتمل إلا بإعادة صياغة العلاقة بين الفلاحة والتوزيع العادل للثروات، والتنمية المستدامة للمجال القروي.

مشاركة