المرفودة المفضوحة

نشر في: آخر تحديث:

أشرف مجدول

انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة على تطبيق تيك توك صفحات تنشر فيديوهات يفضح فيها أصحابها ما يصفونه بممارسات مسؤولي ورجال الأمن الوطني، متهمين إياهم بالابتزاز والرشوة تحديدا.
ومن الطبيعي أن يجد المواطن نفسه ميالا إلى تصديق أصحاب المنشورات، ويتعاطف معهم، لأن لا أحد يحب أن يستشري الفساد بين رجال مهمتهم الأولى محاربة الفساد، أو يرى مؤسسة شريفة كمديرية الأمن الوطني يحترمها المغاربة يلطّخ سمعتها بضعة مرتشي. لكن، ليس كل المنشورات تثير التعاطف، فبعضها مثير للريبة، بل يفضح أصحابها أنفسهم فيها بدل أن يفضحوا الأمنيين المستهدفين.
ففي أحد الفيديوهات مثلا، شهّر فيديو منشور على التيك توك بعميد شرطة بمدينة الدار البيضاء، واتهمه بأنه يأخذ “المرفودة”.
و”المرفودة” مصطلح متداول في عالم تجارة المخدرات، ويعني الأتاوة أو المبلغ المالي المتفق عليه الذي يسلمه البزناس بشكل منتظم لرجل الأمن حتى يغض عنه الطرف، ويتستر عليه. وبالتالي فإن صاحب الفيديو ليس بعيد عن عالم تجارة المخدرات، ولا يمكن تصديقه، ليس لأنه خارج عن القانون فقط، بل لأن أقصى أماني تجار المخدرات هي أن يجدوا في دائرة نفوذهم رجال أمن يقبلون “المرفودة”.
فهل يعقل أن يشتكي تجار المخدرات من عميد إقليمي فاسد؟
إن فساد رجال الأمن هو الذي ينعش تجارة المخدرات، ويمنح البزناسة الأمان الذي يحلمون به، ويطيل في عمر وجودهم في الخارج يتاجرون، فكيف يفضحون فساده ليتم تنقيله؟
لا يمكن لتجار المخدرات أو ذوي المصالح المشبوهة أن يطالبوا بإبعاد رجل أمن إلا إذا كان يضيّق على نشاطهم؟ ويسرق منهم الأمان، ويعجّل بدخولهم السجن.
نعم، علينا أن نكون جميعا كمواطنين في صف فضح المفسدين، والمكالبة بمحاسبتهم، لكن وجب علينا أيضا التعامل بحذر مع بعض الفيديوهات الكيدية. فتشجيع تداولها يهدد بانهيار جسر الثقة الذي يمتد بين المؤسسات الأمنية والمواطنين،ثم إن مديرية الأمن لا تنتظر نشر مثل هذه الفيديوهات حتى تصل إلى المفسدين من عناصر الأمن، فلطالما أبلغت المديرية الرأي العام بضبط عناصر أمنية متورطة في قضايا فساد أو مخدرات، بل منهم من حكم عليهم بأقسى العقوبات ردعا لكل من تسول له نفسه بيع روحه للشيطان

اقرأ أيضاً: