الرئيسية غير مصنف الكلية و”الراݣد” في سيدي قاسم

الكلية و”الراݣد” في سيدي قاسم

97319431 2988767221180959 3131478707261145088 n
كتبه كتب في 16 مايو، 2020 - 6:13 مساءً

عبدالحق افرايحة


اصبحت الكلية المتعددة التخصصات في سيدي قاسم مثلها مثل “الجنين الراكد” الذي أسال الكثير من المداد عبر التاريخ، وتناسلت حوله الحكايات وكأنها خوارق ومعجزات رغم أن لا وجود للمعجزات إلا في مخيلة المشعوذين و أصحاب الخرافات، “الجنين الراكد” حسب ما يحكى قد يظل في البطن شهورا أو سنوات، ومثله الكلية بسيدي قاسم، سنوات ونحن نطرق عليه الباب ولا زال يرفض الخروج إلى الوجود، لم نتوقع فيما مضى أبدا الخبر السعيد الذي نزل بردا وسلاما على ساكنة سيدي قاسم بإحداث كلية متعددة تابعة لابن طفيل بالقنيطرة، هذه المنشأة إن كتب لها ذلك، ستغير المدينة والإقليم، وتقلب الموازين رأسا على عقب، وفي كل المجالات(الثقافي،الاقتصادي،الاجتماعي …)، بعدما رزحت هذه المدينة المنسية لعقود تحت وطأة التهميش والحكرة، مدينة مثل “صورة” بلا ألوان، لا تتحرك ولا تتغير، وبعد سنوات من “النعاس” أو “الرݣاد”،لم يكن أبدا أي منا يتوقع هذا الضجيج والزعيق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من ثلة يحملون مزمارا وطبلا، وقليل في أيديهم فأسا ومعولا، مالهم على مشاعرنا كيف يرقصون، ولمستقبل المدينة كيف يهدمون؟ ولسان حالهم يقول:”حنا لي جبنا الجامعة”، ونسوا أن ذاكرة المدينة قوية، لن ننسى كذبكم الذي لازال يلوح في سماء المدينة، ولن ننسى كيف همشتم وأصبتم المدينة في مقتل لعقود من الزمن.
الضجيج الذي صاحب السبق في إعلان المصادقة على إحداث الكلية من طرف المجلس الحكومي، خبا بمياه سد واد اردوم -الحلم اليقظة-بمجرد تداول نشطاء الفايسبوك بلاغ رئاسة الحكومة، والذي أعاد البعض إلى رشده، كل هذا ليس له تعبير إلا الشعبوية التي أصابت البعض، ولازال مصرا على غيه وكذبه، صحيح أن الرهان اليوم لربح الانتخابات هو السرعة المناسبة للمسافة المتبقية، ولا يجادل أحد في كامل الحق لهؤلاء، وبكل الوسائل، فنحن لسنا في نظرهم إلا أوراق انتخابية، لذلك فالكل يتغنى بليلاه، ويجيش في مهرجانه الافتراضي، بصور أو أخبار زائفة زيف خطابهم لأكثر من 5سنوات، أو قل لأكثر من عقدين، وكلما أراد البعض التغطية على فشله في التدبير والتسيير، اشهر ورقة الكلية ودق على “الجنين الراكد” متوسلا، وضرب لنا مثلا ونسي نفسه أنه مثل من سبقوه، فهذا ينسبها إلى نفسه والآخر إلى حزبه والبعض إلى رؤسائه وهلما جرا، وحال لسانهم يقول “صبعي تم ”، مواقف تعبر في الحقيقة عن مستوى بعض أشباه السياسيين الذين ابتليت بهم هذه المدينة، جاؤوا في زمن العزوف، في زمن تسلط البرجماتيين الجشعين زمن “الحملة” قبل أوانها، واقع أبان عن ضيق الصدر للفاعل السياسي الحقيقي، الذي رأى في الأمر تنقيصا من عمله ومجهوداته، ولا يريد من الآخر السياسي المندس أن يركب على الحدث، لقد كان من الأنسب للذي يفهم قواعد اللعبة السياسية، أن يترك الأمور تسير وفق ما تقتضيه هذه القواعد، وكان لزوما على الكل، أن يتخلصوا ولو نسبيا من أنانيهم وآناهم التي تقتل يوما بعد يوم، وفي كل نازلة، ما تبقى من مصداقية للعمل السياسي في هذه الرقعة من الأرض، فنحن لا نكترث لصراعاتكم وخلافاتكم وحروبكم المعلنة، ولا حميميتكم المستترة التي ترى النور أحيانا متفرقة، في باريس أو “ما ربيا”، ولربما في الرباط والدار البيضاء، وانتم ترتمون في مخملية صالونات “الأبهة”، تحاولون طمس صورة مدينة، تلاعبت بها الأقدار بأيديكم وبأيادي بعض الأشرار، فعلى هؤلاء أن يدركوا أن زمن الضحك على الذقون قد ولى، وأن بيع القرد والضحك على من اشتراه، لم يعد تجارة رائجة في مدينة تسمى سيدي قاسم. نقول لهؤلاء، لن تتمكنوا من اختزالنا في أدوات تنمحي مع سلطة ذواتكم بوعي أو بغير وعي، ولن ننجر وراء تهافتكم لتحقيق السبق في رسم صورة من خيالكم الواسع، لإخضاع من هو متمنع لدخول فلك كويكباتكم التي تحول محورها، كلما اقتربت ساعة محاسبتكم. فلكل مقام مقال، أما الجنين الراݣد يحتاج إلى جراح وليس إلى براح.
في الحقيقة وكل الحقيقة، وإن كنت على يقين، بأن الحقيقة لا تقول أكثر من نصفها، التاريخ هو الفيصل في كل هذه الجلبة التي صاحبت إحداث كلية متعددة التخصصات منذ إعلان رئيس المجلس الحالي عنها، وأخذه زمام المبادرة لإعادة إخراج هذا الملف من رفوف أرشيف البلدية، فقد سبق أن صادقت مجالس سابقة على إحداث كلية تابعة لجامعة ابن طفيل ولم يكتب لها أن ترى النور، اليوم إحداث النواة الجامعية أو كلية متعددة التخصصات، قائمة الذات، فالتاريخ هو المنصف والعادل، التاريخ هو الذي يعري من لم يعريه الزمن ، فأن ينسبها المجلس الجماعي واختزالها في الرئيس هذا شأنه، هكذا تقتضي اللعبة السياسية حتى ولو لم ولن تكون هناك مساهمة مالية، لأنه بكل بساطة، ميزانية المجلس تعرف عجزا قاتلا، وأن ينسبها المجلس الإقليمي لنفسه فتلك لها دلالاتها وعلى رأسها مساهمة المجلس من ميزانيته فيها، وأن يستحوذ مجلس الجهة على الخطاب، يعز فيه من يشاء، ويقرع به من يشاء، وهو المزمع على تغطية تكلفة الكلية متعددة التخصصات بأربعين مليون درهم، هذا حقه، وأن ينسب كل واحد لنفسه هذا الإنجاز حتى وهو على الورق، فله ذلك، لكن ما لا يدركه هؤلاء، هو أن هذه الكلية ستكون ملكا لأبناء هذه المدينة المنسية، وعلى كل مسؤول في هذه المدينة، في هذا الإقليم، في هذه الجهة، في هذا الوطن، أن يختزل نفسه في كل مواطن بسيط ، بساطة المدينة المتعوسة، مواطن يمني النفس أن تركب سيدي قاسم قطار التنمية، قطار التقدم، قطار التغيير الذي تطل علينا بشائره، ونشتم ونتحسس نسماته، لا يهمنا زيد أو عمرو أو حتى المهدي المنتظر، في هذا الأمر ،بل من يطفئ نار الغضب المشتعلة في صدورنا لسنوات خلت، والمدينة تموت “عرق بعرق”، ألا وهو إخراج المدينة وساكنتها من هذا الانحباس في كل شيء.
“باراكا” من المزايدات، المدينة اليوم في حاجة إلى أكثر من نواة جامعية أو كلية متعددة التخصصات، المدينة اليوم في حاجة إلى شركات واستثمارات، إلى فضاءات ترفيهية، إلى مركبات سوسيو ثقافية، إلى ملاعب للقرب ، إلى حدائق مفتوحة، وإلى أشياء كثيرة، وليس إلى ” احفر ليا نحفر لك”، أو “احضيني نحضيك”، ما نريده منكم أيها “الساسة” أن تتنافسوا لتحققوا السبق في تحريك عجلة قطار التنمية بالمدينة، سنصفق لكم جميعا كيفما كان لونكم أو قبعاتكم السياسية، وإن اقتضى الأمر، سنحملكم على أكتافنا حتى لو اختلفنا معكم، إلى حيث تحققوا أحلامكم، لأن في تحقيق أحلامكم، تتحقق أحلامنا نحن الأوراق الانتخابية.
أتساءل كما تساءل الكثير من أبناء بلدتي، ما السر وراء هذه الخرجات السابقة لآوانها؟ خرجات تزعمتها تارة فئة تدعي “لفهامة” السياسية، وسابقت الزمن في نشر خبر الكلية وكانه فتح مبين، وتارة فئة تدعي الوعي باللحظة وقوالب هذه “لفهامة “السياسية، لترد من بعيد بأن يدها هي الطويلة في هذا الملف، لا أدري لما كل هذه السذاجة والغباوة؟ فالوقت كفيل بالجواب على كل الأسئلة التي طرحت حول الكلية والعبرة بالخواتم.
على كل حال ليس بدعا أو إيمانا فيما يتداول، أن ننقص من قيمة أي عمل ومن قيمة صاحب هذا العمل، كيفما كان لونه السياسي، فظاهر العمل نابع من قوة وقعه، والأفكار التي تبني أسس هذا الفعل لتحقق تطلعاته، كما ليس بدعا أو إيمانا أن نميل إلى الغلبة، بل نريد أن نسمي الأشياء بمسمياتها، والتي لا نريد أن تفسدها السياسة المشوشة، حتى لا تتناسل التشوهات المسكونة برهاب أو الخوف من الآخر، كأن يسحب البساط من تحت أقدامه، كل هذا خوفا من أن تستمر أسطورة” الجنين الراݣد”.

مشاركة