بقلم: عثمان لبصيلي.
في الوقت الذي تُراكم فيه الفرق الوطنية أرباحًا من انتقالات اللاعبين، تُكابد الفرق الجهوية في المغرب واقعًا مريرًا من التهميش والاستغلال، حيث يُنهب منتوجها الكروي دون مقابل، وتُقصى من أي تعويض رغم أنها الحاضنة الأولى للمواهب.
الفرق الجهوية لا تملك سوى شغفها، وميزانيات هزيلة، وأطر تقنية تُراهن على الإيمان أكثر من الإمكانيات. ومع ذلك، تُنتج لاعبين يُصبحون نجوماً في فرق الصف الأول، دون أن تنال الفرق الأصلية أي اعتراف أو تعويض.
عقود هاوية… وأجور محترفين
من أبرز صور التحايل التي تُمارس ضد الفرق الجهوية، توقيع اللاعبين بعقود هاوية رغم تلقيهم أجورًا ومنح توقيع، مما يُسقط حق الفريق المُكوِّن في المطالبة بالتعويض. كما يُستخدم نموذج الانتقال الحر (ج5) كأداة “قانونية” لتمرير اللاعب دون مقابل، في غياب أي إشعار أو تنسيق مع الفريق الأصلي.
لوائح الفيفا… تُنتهك محليًا
تنص لوائح الفيفا على تعويض الفرق التي تُكوّن اللاعبين بين سن 12 و21، وتُخصص نسبة 5% من قيمة أي انتقال دولي لصالح الفرق التي ساهمت في تكوين اللاعب. لكن هذه اللوائح تبقى حبرًا على ورق داخل المنظومة المغربية، حيث لا توجد آلية وطنية لتفعيلها، ولا سجل رقمي يُوثق مراحل التكوين.
أين الجامعة؟ وأين القضاء؟
الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مطالبة اليوم بإحداث لجنة مستقلة لتتبع ملفات التكوين، وإصدار مذكرة تنظيمية تُلزم الفرق المستقبلة بإشعار الفريق المُكوِّن قبل أي تفاوض. كما أن القضاء المغربي مدعو لتطوير آليات الترافع في النزاعات الرياضية، وتفعيل مبدأ الإثراء بلا سبب في حالات الاستغلال.
من أجل الاستقرار التقني والعدالة الرياضية
الاستقرار التقني للفرق الجهوية أصبح مهددًا، إذ تُفقد عناصرها الأساسية بشكل مفاجئ، مما يُربك البرامج التدريبية ويُضعف التنافسية. إن حماية هذه الفرق ليست فقط مسألة قانونية، بل هي قضية أخلاقية وتنموية، تمس جوهر العدالة الرياضية وتكافؤ الفرص.
الخلاصة:
الفرق الجهوية ليست هامشًا في كرة القدم المغربية، بل هي الجذر الذي تُبنى عليه النجومية. وإذا استمر تجاهل حقوقها، فإننا نُفرغ التكوين من مضمونه، ونُكرّس منطق الريع بدل منطق التنمية. آن الأوان لإصلاح حقيقي، يُعيد الاعتبار للجهود الصامتة، ويُكرّس العدالة في قلب الميدان.

