في خطوة وصفها المتابعون بأنها تحول نوعي في السياسة الجنائية بالمغرب، أعلنت رئاسة الحكومة، عبر منشور رسمي موقع من طرف رئيسها عزيز أخنوش بتاريخ 18 يوليوز 2025، عن انطلاق المرحلة العملية لتطبيق مقتضيات القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، على أن يدخل حيز التنفيذ ابتداءً من 22 غشت 2025.
ويراهن هذا القانون الجديد، الذي يندرج في إطار الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة الجنائية، على تقليص الاعتماد على العقوبات السجنية، خاصة في ما يتعلق بالجنح البسيطة، واستبدالها بآليات بديلة أكثر فعالية وإنسانية، من قبيل:
العمل لفائدة المنفعة العامة
المراقبة الإلكترونية
تقييد بعض الحقوق
الغرامات اليومية
نهج جديد للعدالة التصالحية
وأكد منشور رئاسة الحكومة أن هذا الإصلاح يأتي انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية، ويهدف إلى تجويد العدالة الوطنية، وتمتين الثقة في الجهاز القضائي، واستحضار مقاربات حديثة ترتكز على الوساطة والمصالحة والعدالة التصالحية، عوضًا عن الحبس كخيار أول.
ويُنتظر من هذا التوجه أن يسهم في تقليص نسب الاكتظاظ داخل السجون المغربية، وإحداث تغيير ملموس في طريقة تدبير العقوبات، بما يراعي خصوصية كل حالة ويحقق الردع من دون الإضرار بفرص الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم.
تنسيق موسع وتنزيل ميداني
سَتتولى المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الإشراف المباشر على تنفيذ مقتضيات هذا القانون، بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات العمومية المعنية، حيث دعا المنشور إلى تعيين مخاطبين رسميين داخل كل قطاع حكومي، وكذا إعداد دفتر تحملات يحدد التزامات كل جهة بدقة.
كما تم التشديد على ضرورة إشراك الجماعات الترابية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، بالإضافة إلى شركاء من القطاعين العام والخاص، لتوفير البيئة المناسبة لتنفيذ العقوبات البديلة، وتوسيع شبكات الإدماج والانخراط المجتمعي.
نقلة نوعية في العدالة الجنائية
تُعد هذه المبادرة محطة جديدة في مسار تحديث العدالة الجنائية بالمغرب، وهي تسعى إلى تحقيق ردع إيجابي وإصلاح سلوكي حقيقي، بعيدًا عن الانعكاسات السلبية للعقوبات السالبة للحرية، خصوصًا حينما يتعلق الأمر بمخالفات أو جنح ذات طابع بسيط.
ويأمل فاعلون حقوقيون واجتماعيون في أن يشكل هذا الإصلاح فرصة حقيقية لإرساء عدالة إنسانية أكثر توازنًا، تعيد الاعتبار لكرامة الأفراد، وتواكب تطورات المنظومات العدلية الحديثة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

