الرئيسية دين ودنيا الصيام قبل رمضان

الصيام قبل رمضان

كتبه كتب في 4 مايو، 2018 - 11:37 صباحًا

 

صوت العدالة – دين ودنيا

 

هل فُرض على المسلمين صيام قبل رمضان؟

اختلف أهل العلم في ذلك على عدة أقوال:

القول الأول: لم يفرض على المسلمين صياماً قط قبل رمضان، وهذا قول جمهور العلماء، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري: ” ذهب الجمهور –وهو المشهور عند الشافعية– إلى أنه لم يجب قط صوم قبل صوم رمضان “.

القول الثاني: فُرض على المسلمين قبل رمضان صيام عاشوراء ثم نُسخ هذا الحكم بعد فرض رمضان، وهذا قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.

وقد كانت قريش تصوم عاشوراء وتعظمه وتستر فيه الكعبة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يصومه دون أن يأمر أحداً بصيامه، ويقول القرطبي رحمه الله في صيام قريش لعاشوراء في الجاهلية: ” لعلهم كانوا يستندون في صومه: إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل، صلوات الله وسلامه عليهما؛ فإنهم كانوا ينتسبون إليهما، ويستندون في كثير من أحكام الحج وغيره إليهما “.

وحينما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الأول، وبعد مضى فترة من قدومه رأي صيام اليهود لعاشوراء، فصامه وأمر المسلمين في السنة الثانية من الهجرة بصيامه. فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ” كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ الْفَرِيضَةَ وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ ” (رواه البخاري ومسلم).

ولكن في نفس العام لما فرض رمضان، أصبح صيام عاشوراء سنة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء: ” مَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْهُ ” (رواه البخاري ومسلم).

القول الثالث: فُرض على المسلمين قبل رمضان صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ومن الذين قالوا بذلك عطاء وقتادة رحمهما الله تعالى.

واستدل عطاء رحمه الله على ذلك بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 183، 184]. فقال: ” كان عليهم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولم يسم الشهر أياماً معدودات، قال: وكان هذا صيام الناس قبل، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان “.

وعن قتادة رحمه الله قال: ” قد كتب الله تعالى ذكره على الناس، قبل أن ينزل رمضان، صوم ثلاثة أيام من كل شهر “.

وضعف الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره قول عطاء وقتادة فقال: ” عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: حدثنا أصحابنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعاً لا فريضة. قال: ثم نزل صيام رمضان… وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال: عنى الله جل ثناؤه بقوله ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾: أيام شهر رمضان؛ وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجة بأن صوماً فرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان، ثم نسخ بصوم شهر رمضان، وأن الله تعالى قد بين في سياق الآية، أن الصيام الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات “.

مشاركة