الرئيسية أحداث المجتمع الدليل” الشافي” في التنقيب عن أخطاء “الزفزافي”‎

الدليل” الشافي” في التنقيب عن أخطاء “الزفزافي”‎

téléchargement 7 4
كتبه كتب في 28 مايو، 2017 - 3:27 صباحًا

اسماعيل بويعقوبي – هبة بريس

ماكان للحسيمة المدينة الجميلة و الهادئة (جوهرة البحر الأبيض المتوسط ) أن تعيش هذا الاحتقان الاجتماعي والفوضى “الخلاقة”  ، لولا حدث – وفاة محسن فكري-  الذي اتفقت جل مكونات المجتمع المغربي بمختلف تلاوينها وانتماءاتها وخلفياتها ، على أنه سيناريو يترجم واقعا يعاني وتشوبه عديد الاختلالات التي وجب الوقوف عليها والتمعن فيها بعمق في محاولة لتصحيح الأخطاء والضرب بيد من حديد على الفساد والمتورطين فيه ، وهذا أمر لايختلف حوله اثنان .
الجميع لاحظ أنه بعد حادث وفاة “بائع السمك ” داخل شاحنة لجمع النفايات  ، كيف انتشر بسرعة البرق “هاشتاغ ” (طحن مو) على مواقع التواصل الاجتماعي،  باعتباره النقطة التي أفاضت الكأس نظرا للحمولة والدلالة التي يكتسيها المفهوم في “ثقافتنا الشعبية” وكذا الشحنة الزائدة التي أضفاها على ردة فعل الجماهير الحسيمية الناقمة على وضع هو نتاج لتراكمات تتطلب جرأة ظاهرة للعيان وإرادة حقيقية لتغييره .
وبالنظر الى الطريقة والكيفية التي انزاح عنها مسار الاحتجاج ضد وفاة الشهيد “محسن فكري” وانتقاله من الضغط على الجهات الرسمية بمعاقبة ومحاكمة المتورطين في مقتل “بائع السمك” الى تضمين الاحتجاجات مطالب اجتماعية ، فسح المجال “لناصر الزفزافي” والعديد من النشطاء لتصعيد لهجة الاحتجاج وأضفوا عليه صفة “الحراك الشعبي ” الذي أخذ منحى آخر وكسب تعاطفا كبيرا من طرف ساكنة الحسيمة ، وتحول معها “الزفزافي” الى زعيم حاول ممارسة كل التفاصيل والجزئيات الثانوية لمفهوم “الزعامة ” بالتركيز على مفاهيم ومفردات وسلوكيات بعثت ارتساما للرأي العام على أن عدالة المطالب الاجتماعية لساكنة الريف لايترجمها بأي حال من الأحوال  القذف والسب والشتم وتوزيع التهم وابداء نوع من العدمية في قبول الحوار  .
أمس الجمعة الذي شهد اقتحام “الزفزافي” لأحد مساجد المدينة  اعتبره عدد كبير من المتتبعين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة مفترق الطرق الذي كشف بالملموس عن اندفاعية زائدة عن الحد المسموح به والواجب أن يتصف به ” زعيم “نصبته “عفوية” شريحة عريضة من ساكنة الحسيمة كمتحدث باسمها ومدافع عن مطالبها الاجتماعية العادلة .
اقتحام “الزفزافي ” لمكان يكتسي حرمة وقداسة والقائه لخطاب تحريضي وضعه في تناقض صارخ بين ادعائه بكون الدولة “المخزنية ” استغلت الدين على لسان إمام المسجد لتمرير خطاب سياسي ، وبين خرجاته على “اللايف” بالفايسبوك والتي غالبا ما استعان فيها بآيات من القرآن والاحاديث النبوية للعب على وتر الدين وتوسيع قاعدة الحراك .
اليوم لسنا هنا للدفاع عن “الدولة ” أو جهات معينة ، بقدر ما نترجم ردة فعل فئة عريضة من المجتمع المغربي ، نأت  بنفسها عن ابداء رأيها في البداية تفاديا للتخوين بالمفهوم “الزفزافي” (عياشة) أو السقوط ضمن تأويلات بدعم الحراك الشعبي ، الذي ألصق الكثيرون بمنتسبيه صفة “الانفصاليين ” ، فئة أدركت أن منطق “الزفزافي” وشروطه لايمكن أن تحقق ماكان ينتظر من وراء الحراك الشعبي ، فلاهو راض عن طريقة “مشية ” أعضاء الحكومة بشوارع الحسيمة – وهي تفاصيل لاتغني ولاتسمن- ولا هو قابل بمبدأ الحوار مع المعنيين بتسيسر شؤون الجهة .
البعض اعتبر أن ما نطق به “العقل الباطني “للزفزافي في إحدى الخرجات يوم قال أن “الاستعمار الاسباني أرحم من الاستعمار العروبي ،المغربي” ، والتي قال عنها مقربون منه أنها زلة لسان ، دليلا قويا على عزيمة الزفزافي التي تتجاوز البعد الاجتماعي والثقافي لمطالب الحراك العادلة ، كما أن رفعه لسقف المطالب طريقة حديثه مع أعلى سلطة في البلاد جعل الكثيرين يعيدون النظر في واقعية “الزعيم” والتزامه بثوابت الوطن التي اعترى الغموض موقفه تجاهها .
الدولة اليوم مطالبة بالتعامل مع الحراك الشعبي  بعدم حصره فقط في شخص “ناصر الزفزافي” الذي يمكن أن يكون فصلا غير محمود فيه ، حيث يجمع الكل على ضرورة تغيير مفاهيم وأساليب التنمية بالمنطقة وتعميم الاستفادة لتشمل جل مناطق ريفنا العزيز ، والحيلولة دون السقوط في شراك أخطاء الماضي والعودة مرة أخرى الى نفس الهفوات ، خاصة أن التجاوزات والخروقات التي سجلت وتم الوقوف عليها منذ حادث وفاة محسن فكري ، تلخص فساد الحال .

 

مشاركة