الخميسات – في مشهد إنساني يهز القلوب، وجدت شابة نفسها وحيدة في مواجهة معاناة والدها المريض النفسي، حيث اضطرت إلى مرافقته ليلاً إلى المستشفى الإقليمي بالخميسات بحثاً عن علاج أو تدخل يخفف ألمه، لكنها لم تجد سوى أبواب موصدة وقلوب غائبة
ورغم صراخها وتوسلاتها، لم تلق الفتاة أي تجاوب من طرف الأطقم الطبية أو الإدارية المكلفة بالمداومة، ما اضطرها إلى البقاء لساعات طويلة في الشارع، تحاول السيطرة على والدها الذي كان في حالة نفسية متأزمة، وسط دهشة وتعاطف عدد من المارة الذين لم يستطيعوا فعل شيء سوى مشاهدتها وهي تقاوم وحدها.
وبحسب شهادات حية من المواطنين، فإن الفتاة حاولت التواصل مع عدة جهات مسؤولة، غير أن محاولاتها قوبلت بالتجاهل، ما جعل الوضع يتعقد أكثر، قبل أن يتدخل أحد المواطنين الغيورين لمساعدتها في تهدئة والدها وتوفير بعض الدعم المؤقت.
وقد شهد شارع محمد الخامس، وسط المدينة، تلك اللحظات العصيبة التي تعكس واقعاً صادماً تعيشه أسر مرضى النفس، في ظل غياب بنية استشفائية قادرة على التدخل في الحالات المستعجلة ليلاً، وخصوصاً في حالات الهياج النفسي التي قد تتسبب في مآسٍ إنسانية واجتماعية.
المعلومات المتوفرة تؤكد أن المستشفى الإقليمي بالخميسات لا يتوفر على طبيب مختص أو حتى مكوّن في الصحة النفسية ضمن فريق المداومة الليلية، ما يمثل خللاً واضحاً في منظومة الاستجابة السريعة لهذه الحالات، ويكشف عن نقص حاد في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية الموجهة للصحة العقلية.
وتطرح هذه الواقعة تساؤلات ملحة حول مدى التزام إدارة المستشفى ووزارة الصحة بدفتر التحملات الخاص بالرعاية الصحية النفسية، وبحق المواطنين، وخاصة الفئات الهشة، في ولوج العناية المستعجلة في كل الأوقات.
في ظل هذا التقصير المؤلم، يوجه مواطنو الخميسات نداءً إنسانيًا إلى وزارة الصحة وكل الجهات المعنية، من أجل توفير الحد الأدنى من شروط التكفل بالمرضى النفسيين، وتعيين طاقم مختص يعمل ليلاً ونهاراً لحماية المرضى ومساندة ذويهم، حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي في مدن تنزف بصمت.