انس خالد/ صوت العدالة
في خطوة تعكس حجم المأساة الإنسانية التي تخلفها سياسات الهجرة غير العادلة، نظمت الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة لقاءً تواصلياً إخبارياً بقاعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) بمدينة بركان، بشراكة مع تنسيقية أسر وعائلات المفقودين والسجناء والمحتجزين في مسالك الهجرة. اللقاء الذي حضره ممثلون عن أسر من مدن بركان، السعيدية، أحفير، العيون الشرقية، مداغ، فزوان والشويحية، فتح ملفاً شائكاً لا يقل خطورة عن أي قضية حقوقية في المنطقة: ملف المهاجرين المفقودين والمحتجزين في السجون الجزائرية والليبية والتونسية والتركية وحتى دول البلقان.
اللقاء انطلق بعرض مفصل قدمته الجمعية حول آخر المستجدات، خاصة ما يتعلق بالمحتجزين والعالقين بمراكز الاحتجاز في ليبيا وتونس والجزائر، إضافة إلى الشباب المرحّلين قسراً من الحدود المغربية – الجزائرية (وجدة/مغنية) أو عبر المطارات التونسية.
لكن النقاش سرعان ما كشف حجم الألم والمعاناة التي تعيشها الأسر: أبناء غائبون، مصير مجهول، أخبار متضاربة، وابتزاز متواصل.
أحد المحاور الأكثر إثارة للجدل كان الأحكام القاسية التي تصدر في حق المهاجرين المغاربة بموجب القانون الجزائري 08/11، والتي تصل إلى عشر سنوات نافذة مع غرامات مالية ضخمة. كما سلطت الشهادات الضوء على ظروف الاحتجاز المأساوية: انعدام الرعاية الصحية، غياب الدعم النفسي، انقطاع زيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والترحيل القسري بين السجون دون إشعار المحامين أو الأسر، في خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني.
الملف الأكثر إيلاماً تمثل في وضعية النساء المحتجزات – حيث وثقت الجمعية 39 حالة نسائية تعانين أوضاعاً نفسية وجسدية صعبة، زادها صمت المؤسسات الدولية تعقيداً.
أسر المفقودين عبرت عن غضبها من سياسة الصمت والتهميش، مؤكدة أن إغلاق الحدود المغربية الجزائرية ليس قدراً محتوماً، بل قرار سياسي قتل الروابط الإنسانية والاجتماعية بين الشعبين. كما نددت بانتشار النصب والاحتيال الذي يستهدف العائلات الباحثة عن أبنائها، وغياب أي آلية رسمية لتسهيل التواصل بين السجناء وأسرهم.
الجمعية أكدت استمرارها في المرافعة الوطنية والدولية، معلنة عن خطوات قادمة تشمل:
مراسلة الفرق البرلمانية المغربية والأوروبية.
المشاركة في ملتقيات واحتجاجات حقوقية دولية، منها المؤتمر الدولي حول الاختفاء القسري بجنيف، والملتقى الدولي بوجدة في 6 فبراير 2025.
عرض الملف أمام البرلمان الأوروبي بستراسبورغ، وملتقيات حقوقية بفرنسا (مارسيليا، نانت).
ولم تفوت الجمعية الفرصة لتقديم الشكر لمؤسسة شهيد في هولندا التي تمكنت من إيصال الملف إلى البرلمان الهولندي، إضافة إلى دعم مؤسسات شريكة مثل Heinrich Böll Stiftung وCCFD-Terre Solidaire، ومساهمات باحثين من جامعة “Louvain la neuve” البلجيكية.
هذا اللقاء لم يكن مجرد اجتماع عابر، بل شكل صرخة جماعية في وجه كل أشكال الصمت الرسمي، ورسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن ملف المهاجرين المغاربة المفقودين أو المحتجزين لن يطاله النسيان.
الجمعية ختمت اللقاء بتجديد التزامها الوقوف إلى جانب العائلات في معركتها من أجل الحقيقة، الكرامة والعدالة، مؤكدة أن صوتها سيظل مسموعاً في كل المحافل الوطنية والدولية حتى كشف مصير كل المفقودين.

