الرئيسية أخبار عالمية اكتر من خمسين مليون ايطالي تتجه اليوم الى صناديق الاقتراع للانتخابات العامة بايطاليا

اكتر من خمسين مليون ايطالي تتجه اليوم الى صناديق الاقتراع للانتخابات العامة بايطاليا

IMG 20180304 WA0018.jpg
كتبه كتب في 4 مارس، 2018 - 11:59 صباحًا

 

صوت العدالة – عبد اللطيف الباز- ميلانو

 

يتوجه أكثر من 50 مليون ناخب إيطالي في هذه الاتناء إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة التي تعتبر على نطاق واسع من أهم الأحداث التي تشهدها إيطاليا والقارة الأوربية هذا العام، وذلك لتأثيرات نتائجها على المشهد السياسي والاستقرار في إيطاليا وعلى مستقبل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
ففي هذه الانتخابات لن يصوت الإيطاليون لاختيار من سيحكم بلادهم في المستقبل فقط، لكنهم سيقررون أيضا علاقة روما باليورو ، وما إذا كان اليورو سوف يستمر في الوجود في وضعه الحالي كعملة موحدة لدول الاتحاد الأوروبي .
إيطاليا التي توافد على الحكم فيها أكثر من 60 حكومة والعديد من رؤساء الوزراء منذ الحرب العالمية الثانية، يعد الاقتصاد والهجرة من أهم قضايا الخلاف السياسي فيها هذا العام، لاسيما بعد أزمة اللاجئين عام 2015 التي كانت إيطاليا فيها بوابة للمهاجرين الجدد القادمين من البحر الأبيض المتوسط.
وتترقب الأوساط الأوروبية بقلق بالغ نتائج هذه الانتخابات بسبب الشكوك التي أثارتها بعض الأحزاب الإيطالية الرئيسية بشأن مستقبل اليورو ، ومما يزيد القلق الأوروبي أن المنافسين الرئيسيين أطلقوا وعودا اقتصادية باهظة الثمن وقد يصعب تحقيقها ، لأنها تهدد بزيادة العجز في ميزانية إيطاليا وزيادة الدين العام الضخم بالفعل.
كما أن القانون الانتخابي الجديد الذي ستجري الانتخابات على أساسه ، يجمع بين التمثيل النسبي والنتائج الأولى، وليس من الواضح كيف سيترجم ذلك إلى مقاعد في مجلس النواب البالغ عددها 630 مقعدا و 315 مقعدا في مجلس الشيوخ. وتحتاج الحزب في إيطاليا إلى 3 في المائة على الأقل من أصوات الناخبين لتمثيلها في البرلمان، وهناك احتمالات قوية بأن تسفر الانتخابات عن برلمان لا يفوز فيه أي من الأحزاب المتحالفة بالأغلبية المطلوبة ، وهو الأمر الذي يعني شهورا من المفاوضات لتشكيل ائتلاف موسع ، أو الدعوة لإجراء انتخابات جديدة .
وبالنظر إلى خريطة المشهد الانتخابي الإيطالي، نجد أن أبرز المتنافسين في هذه الانتخابات هو تحالف يمين الوسط بزعامة سيلفيو بيرلسكونى، رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق البالغ من العمر 81 عاماً ويقدم هذا التحالف رؤية اقتصادية بحتة، حيث يعمل على إدراج ضريبة دخل ثابتة بنسبة 23 في المائة، وزيادة الحد الأدنى للمعاش التقاعدي إلى ألف يورو في الشهر، وإلغاء إصلاح المعاشات التقاعدية لعام 2012، وإلغاء ضرائب الميراث ، وعدم اتخاذ تدابير تقشفية فضلا عن منع المهاجرين من الوصول إلى السواحل الإيطالية.
ويقول بيرلسكوني إنّ “الهجرة أصبحت قنبلة اجتماعية جاهزة للانفجار في إيطاليا”، كما ألمح إلى أنه سيرحل 600 ألف مهاجر غير شرعي من البلاد في حالة حصول ائتلافه على المقاعد المطلوبة في الانتخابات المقبلة .
ويحل بيرلسكوني في صدارة استطلاعات الرأي لكنه لن يصبح رئيسا للوزراء بعد منعه من شغل منصب سياسي لمدة ست سنوات بسبب اتهامات وجهت له مؤخرا بالاحتيال الضريبي ، لكن بيرلسكوني كزعيم لحزب فورزا إيطاليا، يستطيع الحصول على المزيد من الأصوات بعد أن انضم حزبه إلى ثلاثة أحزاب أخرى مما زاد من فرصه في الفوز بأغلبية.
وفي صدارة المشهد الانتخابي في إيطاليا أيضا نجد لويجي دي مايو وهو زعيم حركة خمس نجوم الشعبوية المعارضة، ورؤيته من خلال برنامجه الانتخابي هي استثمار 50 مليار يورو في مجالات عامة، لتسهيل الإجراءات الإدارية ومحاربة البيروقراطية في مختلف أشكالها، فضلا عن تشجيع فرص الابتكار والتكنولوجيا، وخفض الإنفاق العام، وتخفيض الضرائب التجارية، والاقتصاد الخالي من الكربون بحلول عام 2050، .. ويؤكد مايو أن حزبه لا يريد خروج روما من الاتحاد الأوروبي بل يسعى إلى إحداث تغييرات في قواعد العلاقة بين الطرفين.
ومن المنافسين البارزين في الانتخابات العامة في إيطاليا، الأمين العام لحزب رابطة الشمال، ماتيو سالفيني الذي يدعو من خلال برنامجه الانتخابي إلى إعطاء اهتمام كبير للبحث العلمي والتعليم، ودعم عقود العمل الدائمة وتعزيز الإنفاق العام،والتوزيع الضريبي التدريجي، وتحقيق سبل الرفاه العام، وخفض الإنفاق العسكري.
كما دعا إلى مواجهة ما أسماه “أسلمة إيطاليا” وإغلاق نحو 800 مسجد، وتعطي استطلاعات أصوات الناخبين نسبة 14 في المئة لحزب رابطة الشمال، أي أقل بنقطتين فقط من حزب بيرلسكوني.
وهناك تحالف بين الوسط واليسار بقيادة ماثيو رينزي رئيس الوزراء الإيطالي السابق ورئيس الحزب الديمقراطي، الذي يتطلع للعودة إلى السلطة عبر الانتخابات البرلمانية. ويطمح هذا التحالف إلى تخفيض الضرائب من أجل زيادة العقود الدائمة، ورفع الحد الأدنى للأجور، وتحقيق سبل الشعور بالمواطنة لأطفال المهاجرين، وتحديد شهر من الخدمة المدنية الإلزامية للشباب فضلا عن المزيد من الاستثمارات في الثقافة .
وكان رينزي قد استقال من منصبه كرئيس للوزراء وكذلك من رئاسة الحزب بعد رفض الناخبين لإصلاح دستوري كان يدعمه في استفتاء أجري في ديسمبر الماضي. ومنذ ذلك الحين، يرأس الحكومة اليسارية رئيس الوزراء المؤقت باولو جنتيلوني، ومن المحتمل أن يقرر تشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الموالي لأوروبا بيو يوروبا الذي ترأسه إيما بونينو وهي واحدة من السياسيات الأكثر شهرة في إيطاليا.
وتكاد استطلاعات الرأي تجمع على أن الانتخابات لن تؤدى إلى تشكيل حكومة أغلبية، وأن الأحزاب السياسية ستشكل تحالفا من أجل الحكم . ويخشى الاتحاد الأوروبي مخاطر حدوث جمود سياسي في إيطاليا بعد الانتخابات المرتقبة ، معولًا على اتفاق لتشكيل ائتلاف كبير بين الكتل السياسية المؤيدة لأوروبا يجنب إيطاليا الوقوع في المجهول.
ويرفض القادة الأوروبيون الحديث علنا عن إشكالية الانتخابات الايطالية ، لكن بعضهم يعمل خلف الكواليس للدفع في اتجاه تحالف بين سيلفيو بيرلوسكوني، وماثيو رينزي إذا لم يتمكن أي منهما من إحراز الغالبية. وهذه المساعي والتحركات لها هدف واحد، هو قطع الطريق على حركة النجوم الخمس وهي حزب شعبوي تمنحه استطلاعات الرأي نحو 28 في المئة من أصوات الناخبين.
وبحسب مراقبين سياسيين للشأن الإيطالي، فيبدو جليا أن أصوات الناخبين موزعة بين الأحزاب الرئيسية ، بسبب تداخل أو تشابه برامجها الانتخابية، وظهور أحزاب جديدة والاستياء العام من النظام السياسي الذي يمتد عميقا في إيطاليا، التي لم تستفد بقوة مثل غيرها من البلدان الأوروبية من الانتعاش الاقتصادي العالمي ، وهو ما يجعل مجموعة كبيرة من الناخبين، غير قادرين على تحديد الحزب الذي سيمنحونه أصواتهم أو حتى تحديد ما إذا كانوا سيشاركون في التصويت أم لا ، وتحاول الأحزاب الإيطالية حاليا التأثير على هذه الشريحة من الناخبين ، وذلك من خلال إثارة الخطابات الخاصة بالقضايا الساخنة، بما في ذلك ارتفاع معدل الضرائب في البلاد والهجرة والقانون والنظام.
ومع بدء العد التنازلي للتصويت وظهور بعض نتائج استطلاعات الرأي الإيطالي ، تبدو النتيجة غير محسومة وقد تؤدي العملية الانتخابية إلى برلمان بدون غالبية مطلقة لأي من الأحزاب في واحدة من أكثر الانتخابات سخونة في إيطاليا منذ عقود، وهو ما سيكون له تأثيره بالقطع على ثالث أكبر اقتصادات أوروبا وكذلك على الأسواق المالية الأوروبية.

مشاركة