بقلم عزيز بنحريميدة
للأسف الشديد أصبحنا نعيش اليوم في زمن تتسارع فيه الأخبار، وتضيع فيه الحقائق وسط زخم الإشاعات وعبث المنصات، أضحى المسؤول النزيه، والقاضي المستقيم، ورجل الأمن المخلص، والدركي النبيل وكل شريف في هذا الوطن، هدفًا لحملات ممنهجة تقودها أطراف معروفة بعدائها للقانون ولمبادئ النزاهة والاستقامة.
ليست هذه مجرد حالات معزولة، بل أصبحنا نعاينها بشكل متكرر، حيث يلجأ بعض الخارجين عن القانون إلى استعمال أدوات التشويش والتشهير ونشر الإشاعة، بل والتحريض العلني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل النيل من سمعة النزهاء الذين يقفون سداً منيعاً في وجه الفساد والتواطؤ.
إنها وصفة خبيثة: يبدأ الأمر باختلاق رواية، يتبعها تضخيم ممنهج عبر حسابات مشبوهة أو منابر غير مهنية، ثم يدخل التشكيك في الذمم، ويتحول فجأة القاضي أو رجل الأمن أو المسؤول إلى متهم في محكمة مواقع التواصل، بلا حجة ولا دليل. ذنبه الوحيد أنه التزم القانون ورفض المساومة.
هؤلاء الشرفاء لا يملكون سلاحاً غير ضمائرهم، وهم في صمتهم يقاومون، وفي استقامتهم يُستهدفون، لأنهم يمثلون ما تبقى من صورة الوطن النظيف، وما تبقى من ثقة المواطن في المؤسسات.
ووسط هذا كله، يبقى السؤال الحارق: إلى متى ستظل هذه الفئة مستهدفة دون حماية حقيقية؟ وأين هي الضمانات القانونية والمؤسساتية التي تكفل لهم الأمان المهني والمعنوي في وجه هذا الإرهاب الرقمي المقنع؟
من هنا، نرفع نداءً صريحًا إلى المسؤولين في الدولة، وإلى السلطة القضائية، وإلى كل الضمائر الحية: إن حماية الشرفاء ليست ترفًا، بل ضرورة وطنية. لا بد من تفعيل صارم للقوانين ضد التشهير والتحريض، وضمان حماية كل مسؤول أو قاض أو رجل أمن يؤدي واجبه بنزاهة.
فلا تقذف إلا الشجرة المثمرة، ولا يُستهدف إلا من يخشاه الفاسدون. ولأن الأوطان لا تُبنى بالسكوت عن الظلم، بل بحماية من يقفون في وجهه، وجب أن نكون جميعًا في صف الشرفاء، دفاعًا عن الوطن قبل أن يكون دفاعًا عن الأفراد.
وليتأكد الجميع: الوطن لا يُحمى بالصمت، بل بالشجاعة، وأولى الشجاعات أن نحمي من يحمي هذا الوطن.