في خطوة وُصفت رسميًا بأنها لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، أعلنت الجزائر وتونس عن توقيع اتفاق دفاعي جديد. غير أن خلف هذا الإعلان “الدبلوماسي” الهادئ، تتعالى في تونس أصوات الشك والريبة، محذّرة من أن الاتفاق ليس سوى إطار جديد لتكريس النفوذ الجزائري داخل مؤسسات الدولة التونسية.
فمنذ سنوات، ومع تغيّر موازين السلطة في تونس بعد 2019، أخذت العلاقة بين البلدين منحىً غير متوازن. إذ تحوّلت الجزائر تدريجيًا إلى الراعي السياسي والأمني لتونس، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي جعلت تونس تعتمد على النفط الجزائري والدعم الأمني المباشر في ملفات حساسة، كملف الحدود ومكافحة الإرهاب.
اللافت أن ميزان القوة بين الجيشين غير قابل للمقارنة: فالجزائر تخصص قرابة 25 مليار دولار سنويًا للدفاع، فيما لا تتجاوز الميزانية العسكرية التونسية 1.4 مليار دولار. هذا التفاوت الهائل يجعل الحديث عن “شراكة استراتيجية” أقرب إلى الشعارات منه إلى واقع فعلي، بحسب محللين يرون أن الاتفاق الجديد قد يُترجم في الميدان إلى هيمنة فعلية للقرار الجزائري على التوجهات العسكرية التونسية.
في المقابل، حرص بيان وزارة الدفاع التونسية على الترويج للاتفاق بصفته “تعاونًا شاملًا واستراتيجيًا”، مؤكدة أنه يأتي في إطار تمديد اتفاق سابق يعود إلى سنة 2001. لكن هذه التطمينات لم تُخفِ قلق الشارع التونسي، الذي بات يرى أن بلاده تفقد تدريجيًا استقلال قرارها السيادي تحت ضغط الحاجة الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية.
وبين خطاب “الثقة المتبادلة” الذي تروّج له الحكومتان، والخشية من وصاية عسكرية غير معلنة، تبدو تونس اليوم أمام معادلة معقدة: كيف تحافظ على أمنها القومي وتوازنها الإقليمي، دون أن تتحوّل إلى ملحق أمني في ظل الجار القوي؟

