الرئيسية أحداث المجتمع إقليم سيدي بنور بين محدودية العرض التكويني والحاجة إلى رؤية استراتيجية لتنمية الرأسمال البشري

إقليم سيدي بنور بين محدودية العرض التكويني والحاجة إلى رؤية استراتيجية لتنمية الرأسمال البشري

IMG 20250816 WA0024
كتبه كتب في 16 أغسطس، 2025 - 3:51 مساءً

بقلم : عثمان لبصيلي.
يُجمع الخبراء الاقتصاديون وعلماء الاجتماع على أن التكوين المهني والتعليم العالي التطبيقي يشكلان المحرك الرئيسي للتنمية المحلية والإقليمية، خصوصًا في المناطق التي تعاني من هشاشة بنيوية وضعف الاستثمارات. ويُعتبر إقليم سيدي بنور نموذجًا واضحًا لهذا التحدي، إذ يتوفر فقط على مركز صغير للتكوين المهني ومدرسة عليا للتكنولوجيا ذات طاقة استيعابية محدودة، مما يترك فجوة كبيرة بين حاجيات سوق الشغل والإمكانيات التعليمية المتاحة.

  1. أهمية البنية التحتية للتكوين

تشير تقارير البنك الدولي (2022) ومنظمة العمل الدولية (ILO, 2021) إلى أن الاستثمار في التعليم المهني يزيد من فرص تشغيل الشباب بنسبة تصل إلى 40% في المناطق القروية وشبه الحضرية. كما خلصت دراسة للمندوبية السامية للتخطيط (2023) إلى أن المغرب بحاجة إلى مضاعفة عدد مؤسسات التكوين المتخصص لتغطية الطلب المتنامي في قطاعات الصناعة، الفلاحة، الخدمات، والاقتصاد الرقمي.

  1. سيدي بنور وحاجياته الخاصة

إقليم سيدي بنور يتميز بكونه إقليمًا فلاحيًا بامتياز (إنتاج الحبوب، الشمندر السكري، تربية المواشي)، لكنه يفتقر إلى مؤسسات تكوين متخصصة في:

الفلاحة العصرية والميكانيك الفلاحية.

اللوجستيك والتسويق الفلاحي.

تموين الفندقة والسياحة، خصوصًا مع الإمكانات السياحية غير المستغلة.

المهن الرياضية، نظرًا لتزايد الاهتمام بالرياضة كقطاع اقتصادي ومجتمعي.

إن الاقتصار على مركز واحد صغير للتكوين المهني ومدرسة عليا للتكنولوجيا لا يواكب حاجيات أكثر من 500 ألف نسمة بالإقليم، أغلبهم من الشباب الباحثين عن فرص عمل أو إدماج اقتصادي.

  1. أبعاد اقتصادية – اجتماعية

وفقًا لتقرير OECD (2020)، فإن كل دولار يُستثمر في التعليم المهني يعود على الاقتصاد المحلي بما بين 1.5 و2 دولار من القيمة المضافة.

يربط الاقتصادي أمارتيا سن (الحائز على نوبل) بين توسيع القدرات البشرية وبين توطيد العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.

ويؤكد عالم الاجتماع بيير بورديو أن التعليم المهني هو أداة لإعادة توزيع “رأس المال الثقافي” بشكل عادل بين الطبقات الاجتماعية، ما يخفف من الفوارق الطبقية والهشاشة.

  1. مقترحات عملية للإقليم

إنشاء أقطاب للتكوين المهني متعددة التخصصات بدل مركز وحيد محدود.

توجيه الاستثمارات نحو المهن المرتبطة بالهوية الاقتصادية للإقليم (الفلاحة، الصناعات الغذائية، اللوجستيك).

فتح مدارس عليا متخصصة في التكنولوجيا الزراعية، الذكاء الاصطناعي في الفلاحة، السياحة الرياضية.

شراكات بين الدولة، الجماعات الترابية، والمستثمرين الخواص لتوفير التمويل والتجهيزات.

خاتمة

إن مستقبل إقليم سيدي بنور مرهون بمدى قدرته على إعادة هيكلة المنظومة التعليمية والمهنية، عبر توفير عدة مراكز للتكوين المهني ومدارس عليا متخصصة تتلاءم مع طبيعة الإقليم. فبدون ذلك، ستظل المنطقة رهينة للهجرة، البطالة، وضياع الطاقات الشابة.

كما قال نيلسون مانديلا: “التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكنك استخدامه لتغيير العالم” — وبالنسبة لسيدي بنور، فإن التعليم المهني المتخصص هو السلاح لتغيير واقعه الاقتصادي والاجتماعي.

مشاركة