بقلم عزيز بنحريميدة
أصدرت وزارة الرياضة قراراً مفاجئاً بإنهاء مهام المدير الجهوي الرياضة بالدار البيضاء يوم الخميس الماضي، على خلفية الأضرار التي لحقت بملعب “كازبلانكيز” بعد احتضانه لـ”مهرجان كازابلانكا للموسيقى”، وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعاً حول أسبابه الحقيقية بين من اعتبره عقوبة مستحقة وبين من رآه تضحية لتغطية أخطاء إدارية جسيمة.

مصادر مطلعة أكدت أن القرار جاء بعد تقارير رسمية تفيد بتضرر أرضية ملعب “كازبلانكيز” والمدار المحيط به بشكل بالغ عقب أسبوع من العروض الموسيقية التي شارك فيها فنانون عالميون، حيث قدّرت لجنة مشتركة من الولاية ومجلس المدينة حجم الخسائر بأكثر من عشرة ملايين درهم، أي ما يعادل مليار سنتيم، وهو رقم صادم بالنظر إلى حداثة افتتاح الفضاء بعد أشغال الإصلاح.

وأوضحت المصادر ذاتها أن الشركة المنظمة للمهرجان لم تتخذ أي احتياطات لحماية أرضية الملعب أو العشب الطبيعي، ولم يتم وضع أي عوازل بين التجهيزات الثقيلة ومناطق الجري، رغم أن الفضاء لم يكن قد سُلّم نهائياً بعد من المقاول إلى وزارة الرياضة، ما يجعل الترخيص باستعماله في مهرجان جماهيري قراراً متسرعاً من طرف ولاية الجهة وشركة “سونارجيس”.

وتشير المعطيات إلى أن قرار الإقالة قد يكون مجرد محاولة لامتصاص الغضب والتغطية على هذا التسرع الإداري، خاصة بعد ورود أنباء عن تدخل جهات نافذة لإقبار التقرير الذي أعدته لجنة الوالي حول الأضرار، وعدم إحالته على الوزير المشرف على القطاع.
في المقابل، عبّرت فعاليات رياضية وجمعوية بالدار البيضاء عن تضامنها مع المدير الجهوي المقال، معتبرة أنه من بين أكثر الأطر كفاءة في القطاع، وأنه كان يشرف شخصياً على تطوير المرافق الرياضية رغم ضعف الإمكانيات وغياب الدعم اللوجستي.
كما أشارت مصادر أخرى إلى أن أربعة مدراء جهويين سابقين قدموا استقالاتهم من المنصب نفسه خلال السنوات الأخيرة بسبب ظروف العمل المتدهورة وصعوبة التنسيق مع شركة “سونارجيس” التي تميل إلى فرض استقلالية كاملة عن الوزارة الوصية، ما يجعل المسؤول الجهوي الحلقة الأضعف داخل هذا التعقيد الإداري.
وبين من يرى في الإقالة عقوبة مهنية ومن يعتبرها كبش فداء لتغطية اختلالات بنيوية، يبقى السؤال المطروح اليوم هو: هل كان المدير الجهوي فعلاً سبب الضرر، أم مجرد ضحية لصراع مؤسساتي وقرارات مرتجلة دفعت ثمنها سمعة قطاع الشباب والرياضة بالعاصمة الاقتصادية.

