الرئيسية غير مصنف “ليالي إيزيس كوبيا” صرخة مدوية في زمن الصمت..

“ليالي إيزيس كوبيا” صرخة مدوية في زمن الصمت..

IMG 20200516 WA0014
كتبه كتب في 16 مايو، 2020 - 2:36 صباحًا

صوت العدالة – السالكة الغزاري

جردتها الحياة من كل حرائقها، ومن شغفها وجمال ملامحها التي أضاءها الحب أول مرة في عينيها، تغيرت إلى درجة لم تعد هي نفسها، بحثت عنه بين شغاف القلب وفي عينيه وبين نبضاته فلم تجد سوى الخذلان..

ملكة دولة الإلهام، فريدة العصر، سيدة القلم، نادرة الدهر، الدرة اليتيمة، حيلة الزمان، نابغة البلاد، أميرة النهضة الشرقية، أميرة البيان، النابغة الأديبة… ببساطة، ماري إلياس زيادة. أطلقت العنان لصرختها الأولى في الناصرة-فلسطين سنة ١٨٨٦، من أم فلسطينة و أب لبناني.

مي زيادة، النص الفولاذي الذي لايركع في نفق التاريخ المزيف، والأبجدية الأولى التي لا تزال جدائلها تتحدى الزمكان. “مي” صرخة أنثى، صدى صوت ومدى صمت، وتجليات حروف مبعثرة، هي أيقونة الأشياء، مرآة المواجع حين تكسرها الظنون، والكلمة المشدودة بألسنة النار في حلق الخلق..

وأنا أتنفس كل حرف من رواية “مي ليالي إيزيس كوبيا” للكاتب الكبيرWaciny Laredj، وجدتني أبتلع كل آلام المرأة العربية المثقفة بصفة عامة، ومحنة مي زيادة بصفة خاصة ريقا علقما. مأساتها داخل العصفورية وما تلاها من أحداث داخل المشفى، وفي بيت أمين الريحاني ثم رحلة الخلاص، رحلة مصر . وجدتني داخل صراع نفسي يعصف بنا و يدخلنا في متاهات لا نهاية لها، نجري في دروبها الوعرة باحثين عن ماهيتنا أو ربما عن الكمال الذي نسعى إليه، لكننا بذلك نبتعد عن السعادة بقدر ما يتراكم في قلوبنا من حزن..

ليالي إيزيس كوبيا، حروب السماء المستمرة فوق أجساد التعساء، صورتنا الحزينة وحقيقتنا الثابتة، هي صوت المرأة وهشاشة المجتمعات، بل هي تجسيد لتنكر الأدب، وصراع حياة من أجل الحياة..

“ليالي إيزيس كوبيا” صرخة مدوية في زمن الصمت، و شعاع الإنسانية المتسلل بعد العتمة، أزاحت النقاب عن المسكوت عنه، وعرت تابوهات المجتمعات الشرقية الذكورية كاشفة الخبايا. رواية أنصفت “مي” وأبزرت دور المثقف العربي الذي تخلى عن القيمة النبيلة التي تميزه عن الباقين. القيمة الإنسانية الصادقة التي تتجسد في نصرة الحق باعتبارها شعلة لا تنطفئ داخل صدر كل مثقف..

مشاركة