الرئيسية غير مصنف أن تغادر مرفوع الرأس… شرف لا يناله إلا الكبار

أن تغادر مرفوع الرأس… شرف لا يناله إلا الكبار

adecee7e cb1a 47e4 9e47 949e0482d985
كتبه كتب في 12 يونيو، 2025 - 9:04 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

ليس كل وداع نهاية، فبعض الرحيل بداية لصفحة جديدة تُكتب بحبر من الفخر والتقدير. وما أجمل أن يغادر الإنسان منصبه بعد سنوات من العطاء الصادق، وقد أدى الأمانة كاملة، دون نقصان، ممتثلاً لسلطة القانون، ومسترشدًا بصوت الضمير.

لحظة المغادرة ليست بالضرورة لحظة انكسار أو وداع حزين، بل قد تكون لحظة امتنان داخلي، لحظة يضع فيها المسؤول قلمه جانبًا، ويتأمل بشموخ سيرة من العمل الجاد، والقرارات الصعبة، والمواقف الحاسمة. مغادرة المنصب مرفوع الرأس، منتصب القامة، لا تصنعها الكلمات ولا الألقاب، بل تصنعها السمعة، والنزاهة، ومواقف الرجال.

هنيئًا لمن يودّع كرسي المسؤولية وقد كتب شهادة نجاحه بأفعاله، قبل أن يُسطّرها المديح. هنيئًا لمن عاش في موقع القرار ولم يساوم على مبادئه، ولم يهادن في ما يمس الوطن أو كرامة المواطن، ولم يفرّط في الثقة التي وُضعت فيه، مهما اشتدت العواصف أو تعالت الأصوات.

الرضا عن النفس لحظة مغادرة المنصب، هو أعظم الأوسمة، لا توازيه رتبة ولا يعلوه تكريم. وهو الإحساس الذي لا يُشترى، بل يُكتسب بسنوات من الإخلاص في العمل، والنزاهة في التدبير، والعدل في المواقف.

أما حين يضاف إلى ذلك رضا المسؤولين وثقة الدولة، فهنا تبلغ التجربة ذروتها، ويغدو الوداع تحية إجلال، لا مجرّد نهاية مهمة إدارية.

في زمن قلّ فيه من يغادرون مناصبهم بسلام داخلي، يظل الخروج مرفوع الرأس مهنة الكبار… أولئك الذين يتركون خلفهم أثراً لا يُمحى، وسيرة لا يطالها الغبار

مشاركة