الرئيسية أخبار القضاء أشغال ندوة “مؤسسة الوسيط الأسري ودورها في البناء المجتمعي” المنظمة بالمحكمة الابتدائية الفقيه بن صالح

أشغال ندوة “مؤسسة الوسيط الأسري ودورها في البناء المجتمعي” المنظمة بالمحكمة الابتدائية الفقيه بن صالح

IMG 20190214 WA0447.jpg
كتبه كتب في 14 فبراير، 2019 - 12:43 مساءً

خريبكة – عبد الجليل الجعداوي

نظمت المحكمة الابتدائية الفقيه بن صالح بشراكة المركز المغربي للوساطة والتحكيم ندوة وطنية حول موضوع “مؤسسة الوسيط الأسري ودورها في البناء المجتمعي” يوم 13 فبراير 2019، بفضاء المحكمة الابتدائية للفقيه بن صالح، وحضر هذه الندوة العلمية كل من السيد عامل الإقليم والسيد رئيس المحكمة الابتدائية بسوق السبت ووكيل الملك بها، والسادة المحامون والعدول والمفوضين القضائيين ورجال الإعلام والصحافة.
وعرفت الجلسة الافتتاحية كلمة للأستاذ خالد كتاري رئيس المحكمة الابتدائية للفقيه بن صالح شكر فيها الحضور، وتطرق من خلالها إلى أهداف هذه الندوة العلمية التي اعتبرها فرصة لتقديم تجارب الهيئة القضائية وكل مكونات العدالة في موضوع مؤسسة الوساطة ودورها في فض النزاعات الأسرية، باعتباره موضوعا حديثا عرفته المنظومات الأنجلوساكسونية، أما بالنسبة للمشرع المغربي فان النصوص الواردة بقانون المسطرة المدنية والمرتبطة بمؤسسة الوسيط هي نصوصا قليلة وذلك راجع إلى أن ممارستها في المغرب ارتأى لها المشرع أن تبقى اختيارية.
IMG 20190214 WA0448
كلمة الأستاذ عبد الحق اشريكي وكيل الملك بنفس المحكمة الابتدائية عالجت موضوع الوسيط الأسري وفق مقاربة نظرية أعطت تعريفا له باعتباره طرف ثالث محايد بين طرفين متنازعين، مسير لا مقيم لعملية الوساطة، وليست من ملكه بل هي ملك لأطراف النزاع،وأكدت على تقاطع مؤسسة الوساطة الأسرية مع مؤسسات أخرى للصلح، وعلى دور هذه الوساطة في الحفاظ على تماسك الأسرة التي هي نواة المجتمع، وبينت الشروط والصفات التي يجب أن تتوفر في الوسيط الأسري كمرافق مسؤول عن تدبير وإدارة النزاع بطرق ومهارات عالية الجودة توفر الاستقرار النفسي للأطراف مع خلق بيئة ملائمة للإبداع وتناقح الأفكار والاقتراحات وطرح الحلول، نحو الخروج بحل نهائي وفعال …
IMG 20190214 WA0449
رئيس المجلس العلمي للفقيه بن صالح أكد على أن موضوع الوساطة الأسرية يستدعي عقد عدة ندوات، كما تناول الموضوع من وجهة نظر دينية وما ورد فكتاب الله عز وجل وسنة نبيه، واعتبر أن المجتمع إذا فقد دور الوسيط يصبح مجتمعا آيلا للسقوط والتشتت، فالأسرة هي المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع كله، وأضاف أن المجلس العلمي بالفقيه بن صالح له تجربة في المجال وطرحت عليه عدة مشاكل لعب فيها دور الوسيط …
أما رئيس مركز الوساطة والتحكيم فتكلم عن الأهداف المسطرة في برنامج المركز والغاية منها، و المتجلية في نشر فكر الوساطة الأسرية وإشاعة ثقافتها لتخفيف العبء عن القضاء والعمل على ترسيخ هذا المبدأ بالتكوين وتنظيم الندوات.
وترأس أشغال الجلسة العلمية الأولى الأستاذ خالد كتاري رئيس المحكمة الابتدائية الفقيه بن صالح، ومقررا لها الأستاذ محمد مسموع، وعرفت مداخلات كل من الأساتذة: عبد العزيز أبو الطيب رئيس قسم الأسرة حول ” تقنيات الوساطة الأسرية وتحسين جودة العمل القضائي”، وخالد حسني وسيط محكم مقيد لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء حول “الإطار القانوني لمهمة الوسيط الأسري”، وعبد النبي الحمزاوي محام بهيئة وعضو هيئة الدفاع ببني ملال حول دور المحامي في الوساطة الأسرية ، محمد بهير نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالفقيه بن صالح حول ” محدودية دور النيابة العامة في الوساطة الأسرية”.
آما الجلسة العلمية الثانية فترأس أشغالها الأستاذ عبد النبي الحمزاوي محام، ومقررا لها الأستاذ يونس قمري، وعرفت مداخلات كل من الأساتذة: حسن رقيق الخبير والاستشاري في الوساطة والإرشاد الأسري وعضو اتحاد كتاب المغرب حول “مسار الوساطة ومهارات تدبير الجلسات”، عبد الله التنزي مفوض قضائي حول “دور المفوض القضائي في الوساطة الأسرية”…
وتناولت الجلستين العلميتين موضوع الندوة الوطنية من عدة زوايا انطلاقا من المحاور التي حددت مفهوم الوسيط الأسري سواء كان ذاتيا او معنويا، باعتباره وسيلة لفظ النزاعات، وان لم يشترط القانون المغربي فيه إلمامه بالقوانين، فيجب أن تتوفر فيه مجموعة من الصفات الأخلاقية وحسن السلوك والاستقامة، والأهلية القانونية، وعادلا ومنصفا، وان لا تكون له مصلحة شخصية في النزاع، وان يتمتع بالمهارات والكفاءة اللازمة لممارسة الوساطة الأسرية التي تعتمد في ممارستها على خاصيات منها السرية والسرعة والمرونة ومشاركة أطراف النزاع … وألقت الندوة الضوء على دور قاضي الأسرة في الوساطة التي تعتمد بشكل تقني في الوصول إلى التصالح بين طرفي النزاع، فهو يستدعي الزوجين إلى غرفة المشورة أو مكتب الصلح ويذكرهم بأنه ينهج مسطرة الصلح، وانه يلتزم بكتم الأسرار، وان الصلح ليس بالأمر المفروض عليهما… وبينت الندوة دور المحامي في ممارسة الوساطة الأسرية وفي إقناع موكله باللجوء إليها وذلك طبقا للمادة 43 من قانون المحاماة الذي ينص على أن المحامي يحث موكله على فض النزاع بواسطة الطرق البديلة قبل اللجوء إلى المحكمة، لكن وفي غياب قانون زجري يفرض على المحامي ذلك لازال تطبيق المبدأ محتشما.
وتطرقت الندوة إلى الوسيط الأسري في القوانين المقارنة خاصة القانون المصري والفرنسي والبريطاني الذي يجبر أطراف النزاع على سلوك مسطرة الوساطة قبل اللجوء إلى المحكمة، وكذلك إلى محدودية دور النيابة العامة في ممارسة دور الوساطة الأسرية نظرا لطبيعة المهام التي تقوم بها رغم أنها طرفا أصليا في الدعوى طبقا لما ورد في قانون مدونة الأسرة، وتأتي صعوبة أو شبه استحالة النيابة العامة في أن تكون وسيطا نظرا لحالة التشنج التي يكون عليها أطراف الدعوى وحجم الأضرار، وحتى وان توصل الأطراف إلى الصلح، فالمسطرة تتخذ حيزا زمنيا عكس الوساطة التي تتميز بالسرعة في فض النزاعات.
وتكلمت هذه الندوة العلمية جلسة الوساطة والتي تدبيرها يقتضي التوفر على مكان ملائم ومناسب لعملية الوساطة، يحافظ فيه على الخصوصية والهدوء، لأن غير ذلك من شانه أن يمثل معوقا لأطراف النزاع في تحديد النزاع والتعامل البناء معه. ليتخيل كل منا كوسيط/ة المقاطعات المستمرة من أطراف خارجية تدخل وتخرج من مكان الوساطة، أو أن مكان الوساطة الضوضاء فيه عالية، كم سيؤثر ذلك سلبا على عملية الوساطة وعلى أطراف النزاع.
وخلصت الندوة إلى ضرورة مأسسة الوساطة الأسرية لتكون ناجعة وفتح الباب أمام أطراف أخرى منها المجتمع المدني لممارستها للحفاظ على تماسك الأسرة كلبنة أساسية مشكلة للمجتمع وبالغة التأثير على استقراره، لأنها تعد إحدى أهم الطرق البديلة لتسوية النزاع إضافة إلى دورها الفعال الذي تلعبه في تخفيف العبء عن القضاء ومؤسساته، وتحقيق العدل وانتشار التعاون نحو مجتمع متماسك من كل النواحي السياسة والاجتماعية.

مشاركة