الرئيسية أخبار وطنية أرضية تأسيس الملتقى الصحراوي للدراسات والدبلوماسية الموازية: دعم الوحدة الوطنية وتعزيز الترافع عن مغربية الصحراء.

أرضية تأسيس الملتقى الصحراوي للدراسات والدبلوماسية الموازية: دعم الوحدة الوطنية وتعزيز الترافع عن مغربية الصحراء.

IMG 20241215 WA0000
كتبه كتب في 15 ديسمبر، 2024 - 8:27 صباحًا

تعد قضية الصحراء المغربية من أبرز القضايا الوطنية ذات الأبعاد الحقوقية والسياسية التي تشغل بال المغاربة قيادة وشعبًا. إن الحديث عن هذه القضية لا ينفصل عن الالتزام الراسخ بتعزيز الوحدة الوطنية وصيانة المكتسبات الترابية التي تمتد عبر التاريخ، حيث ظلت الصحراء جزءًا لا يتجزأ من الهوية المغربية. في هذا الإطار، يأتي تأسيس الملتقى الصحراوي للدراسات والدبلوماسية الموازية كإطار مدني وحقوقي يسعى إلى دعم الترافع عن قضية الصحراء المغربية وإبراز أبعادها التنموية والثقافية والدبلوماسية، استلهامًا من التوجيهات الملكية السامية التي تشكل خارطة طريق لتعزيز هذا الترافع وتقويته.
تشكل التوجيهات الملكية الأخيرة، كما وردت في الخطاب الملكي الموجه للبرلمان بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، مرجعية محورية في رسم أهداف هذا الملتقى. فقد دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الانتقال من مرحلة التدبير إلى التغيير، مع التركيز على ضرورة إشراك كفاءات ونخب جديدة قادرة على الترافع عن مغربية الصحراء بفعالية وإقناع في المحافل الدولية. كما أكد جلالته على أهمية تعزيز الدبلوماسية الموازية كوسيلة لتثبيت المواقف الوطنية ودحض المزاعم التي يروجها خصوم الوحدة الترابية.
تستند هذه الأرضية إلى مبدأ أن قضية الصحراء ليست مجرد نزاع إقليمي، بل هي قضية حقوقية وسياسية تعكس ارتباط الإنسان المغربي بأرضه، وحقه التاريخي والقانوني في الحفاظ على سيادته الوطنية. ولعل مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كحل عملي للنزاع، تعكس هذه الرؤية المتوازنة التي تحترم مبادئ السيادة الوطنية وتستجيب لتطلعات ساكنة الأقاليم الجنوبية في التنمية والكرامة. إن هذه المبادرة، التي حظيت بتأييد واسع من المجتمع الدولي، تؤكد أن المغرب ماضٍ في نهج الحوار البناء والالتزام بحل سياسي دائم تحت مظلة الأمم المتحدة.
يهدف الملتقى الصحراوي للدراسات والدبلوماسية الموازية إلى الإسهام في تعزيز الترافع عن مغربية الصحراء على المستويين الوطني والدولي، من خلال توظيف الأدوات الحقوقية والسياسية والدبلوماسية المتاحة. فالملتقى يركز على تنظيم لقاءات علمية وندوات دولية لعرض معطيات دقيقة حول قضية الصحراء، مع التأكيد على مصداقية مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع. كما يسعى إلى تأهيل الكفاءات الشابة في مجالات الترافع والتواصل، حيث يشكل الشباب والفاعلون المدنيون العمود الفقري لهذا الجهد الوطني، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية التي دعت إلى إشراك جميع القوى الحية في هذا الترافع.
على المستوى الحقوقي، يسعى الملتقى إلى إبراز الأبعاد التنموية التي حققتها الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، حيث أصبحت نموذجًا رائدًا في التنمية المستدامة. وتشكل المشاريع الكبرى التي أطلقتها المملكة في هذه الأقاليم، مثل ميناء الداخلة الأطلسي، خير دليل على الالتزام بتحقيق العدالة المجالية وضمان الكرامة لساكنة هذه المناطق. كما يسعى الملتقى إلى تسليط الضوء على الهوية الثقافية للأقاليم الجنوبية، بما في ذلك التراث الحساني الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من الهوية المغربية المتعددة.
أما على المستوى السياسي، فإن الملتقى يعزز من حضور الدبلوماسية الموازية كأداة استراتيجية للتصدي للمغالطات التي يروجها خصوم الوحدة الترابية. فالعمل الدبلوماسي الرسمي، مهما بلغت قوته، يحتاج إلى دعم من المجتمع المدني والفاعلين غير الرسميين. ولهذا، يعمل الملتقى على إعداد تقارير علمية ودراسات دقيقة تسند الموقف المغربي في المحافل الدولية، وتبرز التزام المملكة بالحلول السلمية التي تحترم سيادتها الوطنية. كما يركز على بناء شراكات مع مؤسسات بحثية ومنظمات دولية لدعم هذا التوجه وتقويته.
يشكل تأسيس الملتقى خطوة نوعية في سياق تعزيز الدور المدني في الدفاع عن القضايا الوطنية. و سيتم تشكيل المكتب التنفيذي للملتقى وفق توازنات مجالية تضمن تمثيلية شاملة لجميع جهات المملكة، مع التركيز على الجهات الجنوبية الثلاث: العيون الساقية الحمراء، الداخلة وادي الذهب، وكلميم واد نون. هذا التوازن يعكس إيمان الملتقى بضرورة تمكين أبناء الأقاليم الجنوبية من لعب دور مركزي في الدفاع عن قضيتهم وتنمية مناطقهم. كما يشكل هذا التوازن تعبيرًا عن الوحدة الوطنية التي تجمع كل المغاربة حول قضية الصحراء.
إن قضية الصحراء المغربية ليست مجرد قضية حدودية، بل هي قضية وجودية تستند إلى حقوق تاريخية وقانونية معترف بها دوليًا. فالتاريخ يشهد بأن الصحراء كانت دائمًا جزءًا من الدولة المغربية، وأن سكانها ظلوا على الدوام مرتبطين بالعرش العلوي. ولعل استمرار المغرب في تبني الحلول السلمية والحوار البناء مع الأطراف الأخرى يعكس التزامه الراسخ بالقانون الدولي. وفي هذا السياق، يسعى الملتقى إلى إبراز هذه الجوانب القانونية والتاريخية في إطار ترافعه الوطني والدولي.
ومن زاوية حقوقية أخرى، يركز الملتقى على مواجهة المغالطات التي يروجها خصوم الوحدة الترابية، من خلال تقديم رواية مغربية موثوقة تستند إلى الحقائق والوثائق. كما يعمل على تسليط الضوء على الانتهاكات الحقوقية التي تقع في مخيمات تندوف، حيث تعاني الساكنة من أوضاع إنسانية مأساوية تحت سيطرة جماعة انفصالية لا تحترم أبسط الحقوق الإنسانية.
إن الملتقى يهدف أيضًا إلى توسيع دائرة الوعي الوطني بأهمية قضية الصحراء، وذلك عبر حملات إعلامية فعالة تستهدف الرأي العام الوطني والدولي. هذه الحملات لا تقتصر على تصحيح المغالطات، بل تهدف إلى ترسيخ قناعة لدى المغاربة جميعًا، وخاصة الأجيال الشابة، بأن الصحراء قضية كل مواطن، وأن الدفاع عنها واجب وطني وأخلاقي.
في الختام، يمثل تأسيس الملتقى الصحراوي للدراسات والدبلوماسية الموازية تجسيدًا عمليًا للرؤية الملكية الحكيمة التي تجعل من قضية الصحراء الأولوية الأولى للمغاربة. إن هذا الملتقى، بما يتضمنه من أهداف وبرامج، يسعى إلى بناء جبهة وطنية قوية قادرة على التصدي لكل التحديات، وتعزيز مكانة المغرب كدولة رائدة في تحقيق التنمية واحترام حقوق الإنسان.

مشاركة