الرئيسية أحداث المجتمع أثمنة خيالية وزوار غائبون: السعيدية تسير نحو الإفلاس السياحي؟

أثمنة خيالية وزوار غائبون: السعيدية تسير نحو الإفلاس السياحي؟

IMG 20250711 WA0082
كتبه كتب في 11 يوليو، 2025 - 9:45 مساءً

انس خالد / صوت العدالة

لطالما اعتُبرت السعيدية ملاذًا شعبيًا للهروب من حرارة الداخل، ووجهة صيفية تُضاهي أشهر المدن الساحلية، لكنها هذا الموسم ترتدي قناعًا جديدًا: الشقق فارغة، والمقاهي شاحبة، والحركة أضعف من المعتاد. الكل يطرح السؤال نفسه: ما الذي تغيّر؟ وهل نحن أمام سياسة غير معلنة لفرز الزوار على أساس القدرة الشرائية؟

بجولة بسيطة في شوارع المدينة، يتبيّن أن أسعار كراء الشقق قفزت بشكل جنوني. منازل متواضعة تُعرض للكراء الليلي بأكثر من 500 درهم، دون أن تقابلها جودة أو خدمات. الأثمنة تُحدّد حسب “مزاج السوق”، والوسطاء يضعون الشروط، فيما يظل الزائر البسيط ضحية لعبة لا قواعد فيها.

مدينة كانت بالأمس القريب مفتوحة لكل الطبقات، تتحوّل تدريجيًا إلى فضاءٍ خاص بمن “يستطيع الدفع”، فيما الباقون يكتفون بالمرور السريع أو يغيرون وجهتهم.

في حديث مع سكان المدينة، تتكرر العبارات نفسها:
“الحركة ناقصة… الناس مبقاتش كتجي بزاف…”
المقاهي والمطاعم تشتكي من ركود غير مسبوق، بعد أن كانت تعجّ بالزبائن حتى وقت متأخر من الليل. اليوم، تُغلق الأبواب باكرًا، وبعض الطاولات لم تعرف الزبون منذ أيام.

التعليقات القادمة من الزوار عكست حجم الاستياء:
“ثمن مرتفع، دون تهوية ولا نظافة، ولا حتى قرب من البحر.”
“البحث عن شقة في السعيدية صار مثل دخول مزاد غير عادل.”
“الكراء حوّل العطلة إلى عبء نفسي ومادي.”

ما يحدث في السعيدية ليس استثناءً، بل نتيجة تراكمات. غياب تأطير قانوني للكراء الموسمي، وترك السوق في قبضة سماسرة، وغياب آليات المراقبة، كلها عوامل تضافرت لتُنتج واقعًا غير مشجع.

فهل يُعقل أن يتحوّل كراء شقة دون خدمات إلى معضلة تعيق المواطن عن ممارسة حقه في الاستجمام داخل بلده؟
وهل من المنطق أن يُترك اقتصاد مدينةٍ سياحية رهينًا لقرارات فردية واعتباطية تحدد الأسعار في غياب أي تدخل رسمي؟

السعيدية اليوم تدفع ثمن فوضى غير معلنة. مدينة تملك من المؤهلات ما يكفي لتكون قطبًا سياحيًا حقيقيًا، لكنها تُهدر فرصها في مواسم حاسمة بسبب غياب التنظيم.
“الجوهرة الزرقاء” بدأت تفقد بريقها، لا بفعل الأمواج، بل بفعل طوفان المضاربة واللامبالاة.

وإن استمر الوضع على ما هو عليه، فإن السؤال لن يكون: “لماذا غاب الزوار؟”
بل: “هل ستستفيق المدينة قبل أن تُدرج في لائحة الوجهات المنسية؟”

مشاركة