أصدرت المندوبية السامية للتخطيط، يوم الأربعاء 28 ماي 2025، تقريرا مفصلا حول نتائج البحث الوطني الجديد حول الوحدات الإنتاجية غير المنظمة برسم سنة 2023-2024، كاشفا عن تنامي القطاع غير المنظم بالمغرب، الذي يضم حاليا نحو 2,03 مليون وحدة إنتاجية، بزيادة تقدر بأكثر من 353 ألف وحدة مقارنة بسنة 2014.
وحسب التقرير، فإن هذا النمو تمركز بشكل أساسي في المناطق الحضرية، والتي استحوذت على 77.3% من إجمالي الزيادة، مع تسجيل أعلى نسبة بجهة الدار البيضاء-سطات بنسبة بلغت 22.7%. ويواصل قطاع التجارة هيمنته على هذا النسيج الاقتصادي بنسبة 47%، متبوعا بالخدمات بنسبة 28.3% وقطاع البناء والأشغال العمومية بنسبة 11.6%.
يظهر التقرير أن غالبية هذه الوحدات تعمل بشكل فردي، إذ أن 85.5% منها لا تضم سوى شخص واحد، كما أن أكثر من نصفها (55.3%) لا يتوفر على مقر مهني قار. في المقابل، هناك 4.6% فقط تمارس أنشطتها داخل المنازل.
التوزيع يختلف حسب القطاع، حيث أن 56.5% من وحدات الصناعة تعمل بمقر مهني، مقابل 22.5% داخل المنازل، بينما يتفرد قطاع البناء بكون 90.2% من وحداته لا تملك مقرا مهنيا وتشتغل مباشرة لدى الزبناء.
وترجع أسباب غياب المقرات المهنية إلى إكراهات مالية (42.9%) أو إلى طبيعة النشاط الذي لا يستدعي التوفر على محل قار، كأنشطة النقل والبناء (42.5%).
على الرغم من استفادة 94% من الوحدات التي تتوفر على مقرات مهنية من الكهرباء، إلا أن الولوج إلى باقي الخدمات الأساسية يبقى محدودا: 46% فقط تستفيد من الماء الصالح للشرب، 43% من الصرف الصحي، و41% من خدمات الإنترنت، مع تسجيل تفاوت لفائدة الوحدات الأكبر حجما التي تضم أربعة عمال أو أكثر.
يبقى الانخراط الإداري لهذه الوحدات في الأنظمة الرسمية محدودا للغاية، حيث أن 14.2% فقط مسجلة في الضريبة المهنية، و9.8% في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و7.5% في السجل التجاري، في حين لا تتجاوز نسبة المنخرطين في نظام المقاول الذاتي 1.7%.
وسجل التقرير أن نسبة التسجيل ترتفع لدى الوحدات المتوفرة على مقر مهني، بينما تبقى ضعيفة جدا لدى تلك التي تعمل من المنازل أو دون مقر.
وتراجعت المشاركة النسائية في إدارة هذه الوحدات من 8.8% سنة 2014 إلى 7.6% سنة 2023، رغم ارتفاعها نسبيا في قطاع الصناعة بنسبة 20.9%. كما ارتفع متوسط أعمار أرباب هذه الوحدات من 42.5 إلى 45 سنة.
على صعيد التعليم، سجل التقرير تحسنا ملحوظا، حيث انخفضت نسبة غير المتمدرسين من 34.3% إلى 18.6%، بينما ارتفعت نسبة الحاصلين على مستوى دراسي ثانوي من 28.8% إلى 40.5%.
اعتمد البحث على مقاربة من مرحلتين، أولاهما عبر نتائج البحث الوطني حول التشغيل لتحديد العينة، ثم مرحلة ميدانية استمرت سنة كاملة من أبريل 2023 إلى مارس 2024، وشملت 12,391 وحدة إنتاجية غير منظمة.
ولا يشمل البحث الأنشطة غير القانونية أو التي يتم إخفاؤها عمدا للتهرب الضريبي، وإنما ركز على الوحدات التي لا تعتمد نظام المحاسبة الرسمي، لتقديم صورة أكثر وضوحا عن هذا القطاع الموازي وتأثيره على الاقتصاد الوطني.
يشكل هذا التقرير مرجعا أساسيا لفهم حجم القطاع غير المنظم بالمغرب، ويطرح تساؤلات مهمة حول كيفية إدماجه في النسيج الاقتصادي الوطني، لاسيما في ظل تحولات اجتماعية وتعليمية مستمرة، وحاجيات متزايدة نحو الحماية الاجتماعية والتأهيل الاقتصادي