الرئيسية أحداث المجتمع لا تعطني قفة…وفر لي فين نخدم باش نجيب قفتي

لا تعطني قفة…وفر لي فين نخدم باش نجيب قفتي

IMG 20220404 WA0000
كتبه كتب في 4 أبريل، 2022 - 1:14 صباحًا

فوزي حضري / صوت العدالة

هو مثل مستنبط من المثل الشعبي الصيني “لا تعطنى سمكة ولكن علمنى كيف اصطاد السمك ” وهو من الأمثال التي تدعو إلى الاعتماد على النفس وتجنب الاتكالية ويدعو للتحفيز على العمل وعلى الابداع والابتكار …

وهو المثل الذي طبقه الشعب الصيني في حياته اليومية وحوله من مثل شعبي إلى واقع معاش فأبدع وأنتج ولا زال يبدع وينتج ومع كل إبداع وإنتاج يحقق هذا الشعب ذاته وكرامته وحريته وتفوقه في مختلف المجالات، صناعية وزراعية… فغزت بذلك منتوجاته دول العالم لتصبح الصين اليوم تنافس كبريات الدول العظمى .

وعلى العكس من ذلك ،فشعوب كشعوبنا التي لم تأخذ من تراثها غير ما يدعو للاتكالية والتهاون وتغافلت عن كل ما يشجع على الابداع والتحدي …لازالت تستجدي السمكة من غيرها بدل أن تعتمد على نفسها وتتعلم الصيد لاصطياد هذه السمكة .

فرغم أننا شعوب من أمة إقرأ وأمة العلم نور والجهل عار وأمة اليد العليا فيها خير من اليد السفلى.. ،شعوب تملك من الثروات مايفوق بكثير ثروات بلدان أخرى سبقتنا اقتصاديا بسنوات، إلا أننا لا زلنا نعيش تحت وطأة الفقر والحرمان والجهل المفروض علينا عنوة ممن يديرون شؤون أحوالنا العامة مستغلين جهلنا وإيماننا القوي بفكرة أن “الفقراء يدخلون الجنة ” التي روجوا لها لتفقيرنا وجعلنا كأداة يتحكمون فيها كما شاؤوا ومتى شاؤوا ،يُلْقون إلينا بين الحين والآخر بعض الفتات من بقايا السمك لإسكاتنا وكسب ولائنا لهم ،بل يجعلوننا في كثير من الأحيان نتصارع فيما بيننا نحن الفقراء الموعودون بالجنة على ذلك الفتات الذي بمجرد أن نحصل عليه نقنع به ونحمد الله ونشكره على أن منّ علينا بمسؤولين يجودون علينا بما منّ عليهم به حسب اعتقادنا والواقع أنهم أخذوه منا ، لأننا شعوب قنوعة تعلمت منذ الصغر بأن” القناعة كنز لا يفنى ” وأنه علينا أن نصبر لأن ” الصبر مفتاح الفرج ” وليس علينا أن نتسرع ونطالب بحقنا في تعلم صيد السمك وأكل السمك،فالمطالبة بالحقوق تدخل في خانة إثارة الفتنة النائمة وأن لعنة الله ستنزل على من يوقظها …وأن حقنا فالجنة لأننا فقراء سندخل الجنة .

هكذا أرادوا لنا أن نكون ، شعوب اتكالية ،خائفة ،خنوعة …شعوب تنتظر المواسم كشهر رمضان والأعياد الدينية ليجود عليها الأغنياء ممن يحكموننا ببعض من حقوقنا التي سرقوها منا ،فتجد طوابير الفقراء المُفقرين تنتظر لساعات أو لأيام أمام مقر أو مسكن فلان أو علان وكلها أمل أن ينالها حظ الفوز بقفة قد لا يتجاوز ما بداخلها قوت يوم واحد .

فإذا كان الشعب الصيني قد حول المثل” لاتعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد” إلى فعل على أرض الواقع في الصناعة والزراعة والطب …وغزى بذلك العالم بمنتوجات جعلت منه قوة عظمى ينحني له العظماء ،فشعوبنا لا زالت تستجدي قفة رمضان وخروف العيد ومحفظة الدخول المدرسي …لأننا شعوب صدقنا أن “الفقراء يدخلون الجنة ” لدرجة أصبحنا معها ندعو في صلاتنا أن يحشرنا الله مع الفقراء فتعايشنا مع الفقر والذل ونسينا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” كاد الفقر أن يكون كفرا ” .
وأكيد لن تقوم لنا قائمة ولن تكون لنا قيمة بين الشعوب إلا حين نغير طريقة تعاملنا مع الواقع الذي يريد صناع القرار فرضه علينا وهو واقع الاتكالية والفقر إلى واقع يرفض كل الأفكار والسياسات التي تنتج هذا الفقر ، واقع نستحضر فيه ما لكل منا من حقوق وما عليه من واجبات ،واقع يحفزنا على العمل والابتكار وأن نقول لكل مسؤول متصدق اغتنى على حساب قوت يومنا ” لا تعطني قفة …وفر لي فين نخدم نجيب قفتي ” .

مشاركة