صوت العدالة : محمد زريوح
اختار أعضاء المكتب النقابي لعمال شركة “ناظور سيريال” قضاء أول أيام عيد الأضحى لعام 2025 في ساحة الاعتصام أمام مقر عمالة الناظور، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ النضالات الاجتماعية بالإقليم. وعلى الرغم من كونه يومًا اجتماعيًا مهمًا، حمل هؤلاء العمال معهم صرخة احتجاج ضد تجاهل مطالبهم، ورفعوا شعارات تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية. جاء الاعتصام بعد مرور 52 يومًا من الاعتصام المفتوح الذي يخوضه النقابيون المطرودون أمام مقر الشركة في سلوان، احتجاجًا على الطرد التعسفي الذي تعرض له نائب الكاتب العام للمكتب النقابي.
بدأت القضية بمطالب بسيطة تتعلق بشروط الصحة والسلامة وبعض المطالب المهنية المشروعة. لكن مع مرور الوقت، وتصاعد تجاهل إدارة الشركة لمطالب العمال، تفاقم الوضع. انعقدت عدة اجتماعات على مستوى مفتشية الشغل في الناظور، لكن المشغل رفض التجاوب مع الدعوات الرسمية الموجهة إليه، مما زاد من تعقيد الموقف ورفع درجة التوتر بين النقابة والإدارة.
بعد فشل محاولات الحوار مع الإدارة، لجأ النقابيون إلى توجيه طلبات رسمية إلى السلطات الإقليمية، حيث أصدر عامل إقليم الناظور مراسلة تطالب بتدخل الباشوات لحل المشاكل النقابية. ورغم هذه الدعوات الرسمية، استمرت إدارة “ناظور سيريال” في سياسة الصمت ورفض الحضور للاجتماعات، مما جعل النقابيين يشعرون بإغلاق كل الأبواب أمامهم.
في ظل غياب أي تجاوب من الإدارة، قرر النقابيون التصعيد من خلال تنظيم عدة وقفات احتجاجية ومسيرات، كان أبرزها قافلة احتجاجية بالسيارات نحو مقر الشركة. لكن الأخطر في هذا المسار كان موقف المشغل الذي رفض بشكل قاطع فكرة العمل النقابي داخل المؤسسة، وأكد أمام المسؤولين الإداريين رفضه التام لأي تنظيم نقابي، وهو ما اعتبره النقابيون هجومًا على حقوقهم وحرياتهم التي يكفلها الدستور والقوانين المحلية والدولية.
في خطوة تصعيدية جديدة، قرر المعتصمون الدخول في إضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة اعتبارًا من 10 يونيو 2025. هذا القرار كان بمثابة نداء أخير للضمير الرسمي والجماعي، محذرين من العواقب الصحية التي قد تترتب على هذا الإضراب. وذكر المعتصمون أن تحركهم هو آخر وسيلة لهم بعد أن أغلقت جميع المؤسسات الوسيطة أبوابها في وجههم.
في إطار التصعيد، أعلن الاتحاد الإقليمي لنقابات الناظور عن تنظيم مسيرة احتجاجية كبرى يوم السبت 28 يونيو 2025. ستكون هذه المسيرة فرصة للتنديد بـ “التراجعات الخطيرة في الحقوق الشغلية” وعودة “لمنطق القمع الاقتصادي والاجتماعي داخل بعض المؤسسات”. الاتحاد أكد أن ما يحدث في “ناظور سيريال” ليس قضية معزولة، بل يعكس مشكلة أوسع تهدد الاستقرار الاجتماعي في المنطقة وتكشف عن ضعف الحماية القانونية للعمال.
الرسالة التي حملها المعتصمون واضحة، فالمطالب التي ينادون بها هي احترام القانون وحماية كرامة العامل البسيط الذي لا يملك رأس المال لكنه يمتلك صوتًا وقوة إرادة. هؤلاء العمال يرفضون المساومة على حقوقهم ويسعون لتحقيق العدالة في مكان عملهم، مؤكدين أن النضال من أجل الحقوق لا يتوقف حتى في أصعب الظروف.